شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ٤ - الصفحة ١٦١
(رفيعا) لرفعة شرف ذاته وصفاته عن ذوات المخلوقين وصفاتهم، وهو حال عن فاعل الظاهر أو عن الضمير المجرور في أوليته (في أعلى علوه) بحسب الرتبة والعلية لأنه مبدأ كل موجود حسي وعقلي، وإليه ينتهي سلسلة العلية في الممكنات، فكل عال سواه سافل في حد ذاته وبالنسبة إلى ما فوقه، الله سبحانه فوق كل عال وله العلو المطلق الذي هو العلو الأعلى. وهذا أيضا حال عما ذكر أو عن فاعل «رفعا» (شامخ الأركان) الشامخ المرتفع، وقد شمخ الرجل فهو شامخ أي مرتفع، وركن الشيء: جانبه الأقوى ومنه أركان البيت وقد يعبر به عن العز والمنعة، يقال هو يأوي إلى ركن شديد أي إلى عز ومنعة، وهذا الكلام إما استعارة تمثيلية بتشبيه المعقول بالمحسوس إيضاحا لعلوه ورفعته أو استعارة تحقيقية بتشبيه صفاته الكمالية مثل العلم والقدرة وغيرهما بالأركان في أن بناء تدبيره في هذا العالم على هذه الصفات كما أن بناء البيت على الأركان، وذكر الشامخ حينئذ ترشيح والمراد بارتفاع هذه الصفات ارتفاعها عن أن تكون مطارح لعقول الأذكياء.
(رفيع البنيان) وهو الحائط وهذا الكلام أيضا استعارة على سبيل التمثيل لتنزيل علوه المعقول منزلة العلو المحسوس لزيادة الإيضاح.
(عظيم السلطان) وهو التسلط والقهر على ما عداه أو الحجة والبرهان والوجه لوصف تسلطه وقهره على ما عداه أو وصف براهين ربوبيته وشواهد ألوهيته بالعظمة ظاهر لذوي البصائر.
(منيف الآلاء) أي جزيل الآلاء وشريف النعماء، وشرافتها باعتبار كمالها في الكمية والكيفية وكونها على حسب المصالح.
(سني العلياء) السني: الرفيع. والعلياء بالضم والمد: كل مكان مشرف. وأيضا استعارة على سبيل التمثيل لقصد الإيضاح والإفصاح.
(الذي يعجز الواصفون) العارفون له بترقي عقولهم في معارج المعارف (عن كنه صفته) لأن العقول البشرية وأفكارها لا تقدر أن تحيط بحقيقة ما له من صفات الكمال ونعوت الجلال (ولا يطيقون حمل معرفة إلهيته) إذ لو تجلت الحقيقة الإلهية والأنوار الربوبية لا نفطرت قلوبهم كما تنفطر البيضة على الصفا كيف والجبل الشامخ عجز أن يكون مظهرا لتجليها كما قال: (فلما تجلى ربه للجبل جعله دكا وخر موسى صعقا) (ولا يحدون حدوده) الضمير يعود إليه تعالى يعني لا يحد الواصفون حدود الرب; لأن تحديده يستلزم توصيفه بكيفية التناهي والتجزية والتحليل والتركيب إذ
(١٦١)
مفاتيح البحث: العزّة (1)، الأكل (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 156 157 158 159 160 161 162 163 164 165 166 ... » »»
الفهرست