وجه الاستحسان أن الهبة تقف صحتها على مجرد القبض، فلا يتلف إلى قبض بصفة ومجرد القبض موجود عقب العقد فصحت الهبة، ولا يشبه هذا بيع الوديعة ممن هي في يده، لان البيع يقتضي مبيعا مضمونا وقبض المودع عقب العقد قبض أمانة، فلا بد من تجديد القبض، وذلك لا يكون إلا بالتخلية بينه وبين الوديعة. وأما إذا كانت العين في يد الموهوب له مضمونة فهو على وجهين: إن كانت مضمونة بمثلها أو بقيمتها كالعين المغصوبة والمقبوضة على وجه السوم، فإنه يملكه بالعقد، ولا يحتاج إلى تجديد قبض، وذلك لان القبض الذي تقتضيه الهبة قد وجد وزيادة، وهو الضمان وذلك الضمان تصح البراءة منه، ألا ترى أنه لو أبرأ الغاصب من ضمان الغصب جاز وسقط، فصارت الهبة براءة من الضمان فبقي قبض من غير ضمان فتصح الهبة، وإن كانت العين مضمونة بغيرها كالبيع المضمون بالثمن وكالرهن المضمون بالدين، فلا بد من قبض مستأنف بعد الهبة وهو أن يرجع إلى الموضع الذي فيه العين، ويمضي وقت يتمكن فيه من قبضها، وذلك لان العين وإن كانت في يده مضمونة إلا أن هذا الضمان لا تصح البراءة منه مع وجود القبض الموجب له، فلم تكن الهبة براءة، وإذا كان كذلك لم يوجد القبض المستحق بالهبة فلم يكن بد من تجديد قبض. ا ه.
قوله: (وهبة الخ) هو من إضافة المصدر إلى فاعله: أي أن يهب من له الولاية على الطفل للطفل يتم بالعقد، ولا يفتقر إلى القبض لأنه هو الذي يقبض له فكان قبضه كقبضه، وصار كمن وهب لآخر شيئا وكان الموهوب في يد الموهوب له، فإنه لا يحتاج إلى قبض جديد كما مر قبيل هذه المسألة.
قوله: (في الجملة) أي وإن لم يكن له تصرف في ماله، وقوله على الطفل أخرج به الولد الكبير، فإن الهبة لا تتم إلا بقبضه، ولو كان في عياله ولا يملك المولى قبض ما وهب لعبده المحجور، وإذا قبضه العبد ملكه المولى، لأنه كسب عبده ط. قوله: (فدخل الأخ) الأولى: نحو الأخ لما سيأتي من أن الام والملتقط ممن يعوله لو في حجرهما. قوله: (عند عدم الأب) لان تصرفهم كان للضرورة، ولا ضرورة مع حضوره والمراد بعدم الأب: ما يعم الغيبة المنقطعة. أفاده في البحر. وأفاد المؤلف أن قبض غير الأب مشروط بشرطين: عدم الأب، وكون الصغير في عياله. والظاهر أن القول الصحيح الآتي في أنه لا يشترط عدم الأب في الهبة الصادرة من الأجنبي يأتي هنا، والمراد بالأب من له ولاية التصرف في ماله ط. قوله: (تتم بالعقد) أي بالايجاب فقط كما يشير إليه الشارح، فلو أرسل العبد في حاجة أو كان آبقا في دار الاسلام فوهبه من ابنه صحت، ولو لم يرجع العبد حتى مات الأب لا يصير ميراثا عن الأب. تتارخانية. لكن يعكر على صحة الهبة في الآبق ما قدمناه من أنها لو سقطت لؤلؤة فوهبها لرجل وسلطه على قبضها وطلبها فطلب وقبضها فالهبة باطلة، لان في قيامها وقت الطلب خطرا.
ووجهه أن الآبق في وجوده خطر، اللهم إلا أن يحمل على ما إذا علم وجوده وقت الهبة، أو لان يد المولى باقية عليه حكما لقيام يد أهل الدار عليه، فيمنع ظهور يده تملكهم إن دخل فيها، ولو وهبه بعد دخوله فيها لم يجز. ذكره الشراح في باب استيلاء الكفار، فتأمل. وإذا وهب أحد لطفل ينبغي أن يشهد، وهذا إذا أعلمه يشهد عليه والاشهاد للتحرز عن الجحود بعد موته والاعلام لازم لأنه بمنزلة القبض. بزازية ويأتي قريبا. قوله: (لو الموهوب معلوما) إذ لا يصح تمليك المجهول كنحو