المنهي عن الوضع فيه فحينئذ يضمن أيضا كما بينا. وذكر شيخ الاسلام خواهر زاده أنه يضمن بالحفظ المنهي عنه مطلقا كما في الظهيرية، وعليه كلام الذخيرة كما علمته من كلام الهداية المار قريبا. قوله:
(ولا يضمن مودع المودع) أي بالهلاك عنده، أما لو استهلكه ضمن، ومودع الغاصب لو رده على الغاصب برئ، كما أن غاصب الغاصب لو رد على الغاصب برئ كما سيذكره في الغصب ذكره الخير الرملي. قوله: (فيضمن الأول) إذا دفع إلى غير من في عياله بغير إذن ولا ضرورة كحرق. در منتقى. وإنما ضمن الأول لأنه ترك الحفظ دون الثاني لأنه أخذ المال من أمين ولم يترك الحفظ وهذا قول الإمام. وعندهما يضمن المالك أيهما شاء، فإن ضمن الأول لم يرجع على الثاني لأنه ملكه بالضمان فظهر أنه أودع ملك نفسه، وإن ضمن الثاني رجع على الأول لأنه عامل له فيرجع عليه بما لحقه من العهد.
لهما أن الأول جنى بالتسليم إلى الثاني بغير إذن المالك، والثاني تعدى بالقبض بلا إذنه فيميل المالك إلى أيهما شاء. وللامام أن الأول لا يضمن بالدفع إلى الثاني ما لم يفارقه لان حفظه لا يفوت ما دام في مجلسه، والمالك إنما رضي بحفظه ورأيه لا بصورة يده بدليل أنها لو هلكت قبل أن يفارقه لا يضمن واحد منهما بالاجماع، فإذا فارق الأول الثاني ضمن لأنه صار مضيعا والثاني أمين استمر على الحالة الأولى ولم يوجد منه تعد ولم يكن متعديا من الابتداء بالقبض فلا ينقلب متعديا من غير إحداث فعل زيلعي. وهنا ضمن في إيداع قصدي، لأنه لو كان ضمنيا قيل لا يضمن، كما لو دخل الحمام ووضع دراهم الوديعة مع ثيابه بين يدي الثيابي قيل يضمن، لأنه إيداع المودع كما قدمناه عن جامع الفصولين معزيا للذخيرة. وفيه معزيا للمحيط: لا يضمن لأنه إيداع ضمني وإنما يضمن بإيداع قصدي. ا ه.
ومن هذا القبيل ما في الدرر: أودع حر عبدا محجورا فأودع المحجور محجورا مثله وضاع المودع ضمن الأول فقط بعد العتق لأنه سلطه على إتلافه وشرط عليه الضمان فصح التسليط وبطل الشرط في حق المولى، ولا يضمن الثاني لأنه مودع المودع.
وصورة المسألة: أودع عند رجل وديعة فأودعها المودع عند شخص آخر من غير عياله فهلكت:
مسكين. قوله: (لا ضمان) لان حفظه لا يفوت ما دام في مجلسه الخ ولو استهلك الثاني الوديعة ضمن بالاتفاق ولصاحب الوديعة أن يضمن الأول ويرجع على الثاني وأن يضمن الثاني ولا يرجع ط. قوله:
(لم يصدق) لأنه يدعي زوال سبب الضمان بعد ثبوته والمالك ينكره فالقول للمالك بيمينه والبينة للمودع. قال في جامع الفصولين: لم يصدق لأنه أقر بوجوب الضمان عليه ثم ادعى البراءة فلا يصدق إلا ببينة ا ه. ووجوب الضمان عليه هنا كونه أودع عند الغير والايداع إلى الغير موجب للضمان فلا يصدق في رفع الموجب. قوله: (وفي الغصب منه يصدق) يعني لو غصب الوديعة من المودع غاصب وهلكت فأراد المالك أن يضمن الغاصب فقال المودع رده علي وهلك عندي وقال لا بل هلك