التقصير في الحفظ، ألا ترى أنه لو وضعها في داره الحصينة فخرج وكانت زوجته غير أمينة يضمن، ولو أحد سرقها يقطع لان الدار حرز وإنما ضمن للتقصير في الحفظ، ولو وضعها في الدار وخرج والباب مفتوح ولم يكن في الدار أحد أو في الحمام أو المسجد أو الطريق أو نحو ذلك وغاب يضمن مع أنه لا يقطع سارقها، ونظائر هذا كثيرة، فإذا اعتبرنا هنا الحرز المعتبر في السرقة لزم أن لا يضمن في هذه المسائل ونحوها، فيلزم مخالفة ما أطبقوا عليه في هذا الباب، فظهر يقينا صحة ما قلنا من الفرق، والله تعالى أعلم.
قال في البزازية: ولو قال وضعتها بين يدي وقمت ونسيتها فضاعت يضمن. ولو قال وضعتها بين يدي في داري والمسألة بحالها إن مما لا يحفظ في عرصة الدار كصرة النقدين يضمن، ولو كان مما بعد عرصتها حصنا له لا يضمن ا ه. ومثله في الخلاصة والفصولين والذخيرة والخانية وغيرها.
وظاهره أنه يجب كل شئ في حرز مثله، وفي السرقة يعتبر في ظاهر المذهب كل ما كان حرزا لنوع فهو حرز لكل الأنواع. وعليه فقد ظهر الفرق بين الحرزين.
ففي السرقة يقطع بسرقة لؤلؤة من إصطبل، ولو كانت وديعة وضعها في الاصطبل وهلكت يضمن المودع، لان الاصطبل ليس حرز مثلها، وبه ظهر جواب حادثة، وهي أن مودعا وضع بقجة شال غالية الثمن في إصطبل فسرقت. والجواب أنه يضمن وإن قطع سارقها، والله تعالى أعلم. قوله: ( وإلا ضمن) أي في المسألتين وهي: دفعها إلى من لا بد منه، بأن دفعها إلى من له منه بد: أي انفكاك وفرقة. والثانية حفظها في بيت آخر والبيوت مستوية بأن حفظها في بيت والبيوت مختلفة. قال في البدائع: والأصل المحفوظ في هذا الباب ما ذكرنا أن كل شرط يمكن مراعاته ويفيد والعمل به ممكن فهو معتبر، وكل شرط لا يمكن مراعاته ولا يفيد فهو هدر، وهنا إنما ضمن لان التقييد مفيد كما قال الشارح، كما إذا ظهر البيت المنهي عنه إلى السكة كما في البحر: أي فإنه يضمن لأنه متعد، لان من العيال من لا يؤتمن على المال: أي فيما إذا نهاه عن الدفع إلى زوجته أو غلامه وللمودع زوجته أو غلام آخر ولتفاوت البيوت في الحفظ.
بقي لو أمره بالحفظ في دار فحفظ في دار أخرى، فالذي ذكره شيخ الاسلام الضمان وإن كانت الثانية أحرز.
والذي في شرح الطحاوي: إذا كانت الدار التي خبأها فيها والدار الأخرى في الحرز على السواء، أو كانت التي خبأها فيها أحرز فلا ضمان عليه سواء نهاه عن الخب ء فيها أو لم ينهه. كذا في المحيط. ولو قال: احفظها في هذه البلدة ولا تحفظها في بلدة أخرى فحفظها في البلدة المنهية ضمن بالاتفاق ا ه. هندية. قوله: (لان التقييد مفيد) أي والنهي عن الوضع في الدار الأخرى مفيد، لان الدارين يختلفان في الامن والحفظ فصح الشرط وأمكن العمل به. وأما البيتان في دار واحدة فقلما يختلفان في الحرز، فالمتمكن من الاخذ من أحدهما يتمكن من الاخذ من الآخر فصار الشرط غير مفيد وتعذر العمل به أيضا فلا يعتبر وكذا الصندوقان، فإن تعيين الصندوق في هذه الصورة لا يفيد، فإن الصندوقين في بيت واحد لا يتفاوتان ظاهر إلا أن يكون لهما: أي للبيت والصندوق خلل ظاهر فحينئذ يفيد الشرط ويضمن بالخلاف، وكذا لو كانت البيت أو الصندوق المأمور بالحفظ فيه أحرز من