فينبغي أن يقال لا فرق بين السفر بها برا أو بحرا في البابور، فتأمل وراجع. وقيد بالمودع لان الأب أو الوصي إذا سافر بمال اليتيم لا يضمن إجماعا. والوكيل بالبيع إذا سافر بما وكل ببيعه إن قيد الوكالة بمكان بأن قال له بعه بالكوفة فأخرجها من الكوفة يصير ضامنا عندنا، وإن أطلق للوكالة فسافر به، إن كان شئ له حمل ومؤنة يكون ضامنا وإن لم يكن له حمل ومؤنة لا يصير ضامنا عندنا إذا لم يكن له بد من السفر، وإن كان له بد من السفر لا يكون ضامنا عند أبي حنيفة طال الخروج أم قصر.
وقال أبو يوسف: إن طال الخروج يكون ضامنا، وإن قصر لا يكون ضامنا. كذا في فتاوى قاضيخان، ويأتي تمامه قريبا. قوله: (ولو لها حمل) فسره في الجوهرة بما يحتاج في حمله إلى ظهر أو أجرة حمال ا ه مكي.
وفي الهندية عن المضمرات: لو كانت طعاما كثيرا فسافر بها فهلك الطعام فإنه يضمن استحسانا ا ه.
وذكر في المنح: ولا يضمن ولو كان الخروج طويلا، ومؤنة الرد على المالك. قال في التبيين:
وما يلزم الآمر من مؤنة الرد ضرورة صحة أمره فلا يعد ذلك إضرارا به. ا ه.
قال الزيلعي: وقال محمد لا يخرج بما له حمل ومؤنة ا ه. وجعله في العناية قول الثاني أيضا.
ثم قال: لكن قيل عند الثاني إذا كان بعيدا وعند محمد: مطلقا قريبا كان أو بعيدا ا ه. واستثنى في شرح القدوري الطعام الكثير فإنه يضمن إذا سافر به استحسانا، ونقله في البحر.
وفيه عن قاضيخان: للمودع أن يسافر بمال الوديعة إذا لم يكن له حمل ومؤنة.
وتعقبه الحموي بأن ما في الخانية من اشتراط عدم الحمل والمؤنة مبني على قولهما، أما على قول أبي حنيفة فيسافر بها مطلقا عند عدم النهي. قوله: (عند عدم نهي المالك وعدم الخوف عليها) قال: إذا لم يعين مكان الحفظ أو لم ينه عن الاخراج نصا بل أمره بالحفظ مطلقا فسافر بها: فإن كان الطريق مخوفا فهلكت ضمن بالاجماع، وإن كان آمنا ولا حمل لها ولا مؤنة لا يضمن بالاجماع وإن كان لها حمل ومؤنة: فإن كان المودع مضطرا في المسافرة بها لا يضمن بالاجماع، وإن كان له بد من المسافرة بها فلا ضمان عليه قربت المسافة أو بعدت. وعلى قول أبي يوسف: إن بعدت يضمن وإن قربت لا. هذا هو الملخص والمختار. وهذا كله إذا لم ينه عنها ولم يعين مكان الحفظ نصا، وإن نهاه نصا وعين مكانه فسافر بها وله منه بد ضمن. كذا في الفتاوى العتابية.
إن أمكنه حفظ الوديعة في المصر الذي أمره بالحفظ فيها مع السفر بأن يترك عبدا له في المصر المأمور به أو بعض من في عياله، فإذا سافر بها والحالة هذه ضمن، وإن لم يمكنه ذلك بأن لم يكن له عيال أو كان إلا أنه احتاج إلى نقل العيال فسافر فلا ضمان. كذا في التتارخانية. هندية من الباب الثالث من كتاب الوديعة. قوله: (فإن له بد من السفر) هذا التفصيل في الصورتين كما أفاده الزيلعي وقد علمته من عبارة الهندية. قوله: (فإن سافر بنفسه ضمن) أي لو كان له أهل لم يسافروا معه لان له بدا من السفر بها.
فرع: من استؤجر لحفظ عين أو وكل ببيعها ليس له أن يسافر بها، وكذا إذا قيد الايداع بمكان.