وفي الهندية: إذا دفع المودع إلى الحاضر نصفها ثم هلك ما بقي وحصر الغائب.
قال أبو يوسف رحمه الله تعالى: إن كان الدفع بقضاء فلا ضمان على أحد، وإن كان بغير قضاء فإن الذي حضر اتبع الدافع بنصف ما دفع ويرجع به الدافع على القابض، وإن شاء أخذ من القابض نصف ما قبض: كذا في الذخيرة. فإن هلك ما في يد المودع هلك أمانة بالاجماع ينابيع. ولو هلك المقبوض في يد القابض فليس له أن يشارك فيما بقي غاية البيان، فأفاد أن المودع لو دفع الكل لأحدهما بلا قضاء وضمنه الآخر حصته من ذلك فله الرجوع بما ضمنه على القابض، وهذا على قول أبي يوسف. قوله: (في الدرر نعم) أي يضمن، في فتاوى قاضيخان ما يفيده، ولفظه: ثلاثة أودعوا رجلا مالا وقالوا لا تدفع المال إلى أحد منا حتى نجتمع فدفع نصيب أحدهم. قال محمد: في القياس يكون ضامنا، وبه قال أبو حنيفة، وفي الاستحسان: لا يضمن، وهو قول أبي يوسف ا ه. فلو لم يقل لا تدفع حتى نجتمع هل يضمن بالدفع: أي بناء على الاستحسان الذي يأتي ذكره قريبا؟ ظاهر تقييدهم أنه لا يضمن إلا أن يأتيا بالوديعة حاملين لها وسلماها كذلك، أما إذا سلمها أحدهما بحضرة الآخر فظاهر أنه يدفع لمن سلمه وحضور الآخر لا يقتضي كونه مودعا لجواز أن يكون شاهدا له ونحوه. كذا أفاده الحموي.
من مناقب الامام، أن اثنين أودعا الحمامي شيئا فخرج أحدهما وأخذ الوديعة وانصرف فخرج الآخر وطلبها منه فلم يخبره الحمامي واستمهله وانطلق إلى الامام رحمه الله تعالى فأخبره فقال له قل له أنا لا أعطي الوديعة إلا لكما معا فانصرف ولم يعد. زيلعي. قوله: (وفي البحر الخ) أي في المثلي كالمثال الذي ذكره في البحر عن الخانية، أما في القيمي فيضمن اتفاقا لأنه لا يقسم بدون حضور الشريك أو نائبه. قوله: (فكان هو المختار) تعقبه المقدسي فقال: كيف يكون هو المختار مع أن سائر المتون على قول الإمام. وقال الشيخ قاسم: أختار قول الإمام النسفي والمحبوبي والموصلي وصدر الشريعة. وقال المقدسي: وقول بعضهم عدم الضمان هو المختار مستدلا بكونه الاستحسان مخالف لما عليه الأئمة الأعيان بل غالب المتون عليه متفقون. كذا في حاشية أبي السعود عن الحموي. قوله:
(اقتسماه) أي الرجلان المودعان بفتح الدال وذكر الرجل استطرادي. قوله: (وحفظ كل) أي كل واحد منهما نصفه، لأنه لا يمكن الاجتماع على حفظها وحفظ كل واحد منهما للنصف دلالة، والثابت بالدلالة كالثابت بالنص. قوله: (وعدلي رهن) أي العدلين اللذين وضع عندهما الرهن فهو بفتح العين تثنية عدل كذلك، فإنهما يقتسمان المثلي ويحفظ كل نصيبه، فإن دفع أحدهما نصيبه إلى الآخر ضمن ما دفع. قوله: (ووكيلي شراء) بأن دفع لهما ألفا يشتريان به عبدا اقتسما الألف، فإن دفع أحدهما نصفه ضمن الدافع، وأجمعوا أن المدفوع إليه لا يضمن لأنه مودع المودع. هندية قوله: (ضمن) أي النصف فقط. قوله: (الدافع) أي لا القابض لأنه مودع المودع. بحر. وهذا عند أبي حنيفة. وقالا: لا يضمنان به. كذا أفاده مسكين، ومثله في الهداية، وقول أبي حنيفة أقيس، لان رضاه بأمانة اثنين لا يكون رضا بأمانة واحد، فإذا كان الحفظ مما يتأتى منهما عادة لا يصير راضيا بحفظ أحدهما للكل كما في البيانية.
قوله: (بخلاف ما لا يقسم) فسر ما لا يقسم بالمكيلات والموزونات، ومثلهما كل ما لا يتعيب