قال الأكمل: شرط العمل على رب المال لا يفسدها وليس بواحد منهما فلم يطرد. والجواب أنه قال: وغير ذلك من الشروط الفاسدة لا يفسدها. وإذا شرط العمل عليه فليس ذلك مضاربة وسلب الشئ عن المعدوم صحيح يجوز أن تقول زيد المعدوم ليس ببصير، وقوله بعد: وشرط العمل على المالك مفسد معناه مانع عن تحققه. قال بعض المحققين: مضمونه وإن لم يكن فاسدا في نفسه إلا أنه مفسد لمعنى المقام، لان معنى القسم الثاني من الأصل على ما صرحوا به هو أن غير ذلك من الشروط لا يفسد المضاربة بل تبقى صحيحة ويبطل الشرط، وقد أشار إليه المصنف بقوله كاشتراط الوضيعة على المضارب، وقد كان اعترف به أولا حيث قال: ولما كان من الشروط ما يفسد العقد ومنها ما يبطل في نفسه وتبقى المضاربة صحيحة أراد أن يشير إلى ذلك بأمر جلي فقال شرط الخ، ولا شك أن المضاربة لا تندرج في هذا المعنى. ا ه. ما في المقدسي. وعبارة الدرر كذا: أن يفسد المضاربة كل شرط يوجب جهالة الربح، كما لو قال لك نصف الربح أو ثلثه أو ربعه، لما مر أن الربح هو المعقود عليه فجهالته تفسد العقد وغيره لا: أي غير ذلك من الشروط الفاسدة، بل يبطل الشرط كاشتراط الخسران على المضارب فإنه لا يقطعها وهو على رب المال. قال المولى عبد الحليم: قوله كما لو قال لك نصف الربح أو ثلثه أو ربعه ولم يعين واحدا من هذه الكسور والاعداد. وفي بعض النسخ: أو شرط أن يدفع المضارب داره إلى رب المال ليسكنها أو أرضه سنة ليزرعها. وهو الموافق لما في شروح الهداية.
قوله: وغيره أي غير كل شرط يوجب جهالة الربح أو غير كل شرط يوجب قطع الشركة في الربح أو جهالة لا يفسد ذلك الغير من الشروط الفاسدة عقد المضاربة بل يبطل الشرط وتبقى المضاربة صحيحة، هذا هو المعنى من سوق الكلام ومقتضى الكلام. ولكن اعترض عليه بأن شرط العمل على رب المال شرط ليس بواحد منهما فلم يطرد هذا الضابط الكلي.
أقول: دفعه على ما نسقه المصنف ظاهر، لأنه ذكر هذا الشرط أولا وأتى بالضابط الكلي بعده فيحمل على غير هذا لشرط بقرينة المقابلة. وأما على ما هو ترتيب صاحب الهداية حيث أخر ذكر هذا الشرط عن ذلك فيكون مخصصا لعمومه، بل يكون بمنزلة الاستثناء به عنه، ونظائره أكثر من أن تحصى كما لا يخفى على من تدرب هذا، ولبعض الشراح هنا جواب عنه ولبعضهم اعتراض عليه ولذلك تركناه، وما ذكرناه أولى.
وما يقال في دفع الاعتراض من أن الشرط الذي يوجب جهالة الربح ليس فساد المضاربة به لمقارنة شرط فاسد بل لانعدام صحتها وهو معلومية الربح، وكذا فسادها بشرط العمل على رب المال ليس لكونه شرطا مفسدا بل لتضمنه انتفاء شرط صحة المضاربة وهو تسليم المال إلى المضارب.
أقول: كون كل من هذين الشرطين متفرعا على شرط من الشروط الستة لا يمنع ورود ذلك الشرط على هذا الضابط الكلي، لأنه في بيان الشرط وغير المفسد والفرق بينهما.
وأقول: الامر أقرب من ذلك كله، فيقال: هذه الكلية غير صحيحة ويزاد فيما يفسد المضاربة اشتراط العمل الخ. تأمل. قوله: (يفسدها) فللعامل أجر مثل عمله لأنه لم يرض بالعمل مجانا ولا سبيل إلى المسمى المشروط للفساد فيصار إلى أجر المثل ضرورة والربح لرب المال لأنه نماء ملكه. درر.
قوله: (وإلا) أي وإلا يكن واحد منهما: أي لم يوجب الشرط جهالة في الربح ولا قطعا في الشركة