المراد منه أنه يجوز له مباشرته لحرمته، بل المراد أنه لا يكون به مخالفا فلا يكون غاصبا فلا يخرج المال عن كونه في يده أمانة. أبو السعود. قوله: (ونسيئة) النسيئة بالهمز والنساء بالمد: التأخر، ولو اختلفا في النقد والنسيئة فالقول للمضارب في المضاربة وللموكل في الوكالة كما مر متنا في الوكالة. قوله:
(متعارفة) احترز به عما إذا باع إلى أجل طويل. زيلعي: أي كسنتين في عرفنا أو أجل لم يعهد عند التجار كعشرين سنة كما مر في الدرر، وإنما جاز له النسيئة لأنه عسى لا يحصل له الربح إلا بالنسيئة، حتى لو شرط عليه البيع بالنقد لا يجوز له أن يبيع بنسيئة. وفي شرط النسيئة يجوز له أن يبيع بالنقد.
وفي الهندية عن المبسوط قالوا: وهذا إذا باعه بالنقد بمثل قيمته أو أكثر أو بمثل ما سمي له من الثمن، فإن كان بدون ذلك فهو مخالف، ولو قال لا تبعه بأكثر من ألف فباع بأكثر جاز لأنه خير لصاحبه. كذا في الحاوي.
لو كانت المضاربة مطلقة فخصها رب المال بعد عقد المضاربة نحو إن قال له لا تبع بالنسيئة أو لا تشتر دقيقا ولا طعاما أو لا تشتر من فلان أو لا تسافر: فإن كان التخصيص قبل أن يعمل المضارب أو بعدما عمل فاشترى وباع وقبض الثمن وصار المال ناضجا جاز تخصيصه، وإن كان التخصيص بعد ما عمل وصار المال عرضا لا يصح. وكذا لو نهاه عن السفر فعلى الرواية التي يملك السفر في المضاربة المطلقة إن كان المال عرضا لا يصح نهيه. كذا في فتاوي قاضيخان. فإذا اشترى ببعض المال شيئا ثم قال لا تعمل به إلا في الحنطة لم يكن له أن يشتري بالباقي إلا الحنطة، فإذا باع ذلك الشئ وصار نقدا لم يشتر به إلا الحنطة. كذا في الحاوي انتهى. قوله: (والشراء) أي نقدا أو نسيئة بغبن يسير، فلو اشترى بغبن فاحش فمخالف، وإن قال له اعمل برأيك كما في الذخيرة، والاطلاق مشعر بجواز تجارته مع كل أحد، لكن في النظم أنه لا يتجر مع امرأته وولده الكبير العاقل ووالديه عنده خلافا لهما، ولا يشتري من عبده المأذون، وقيل من مكاتبه بالاتفاق. قهستاني. قوله:
(والتوكيل) لأنه دون المضاربة وجزء منه المضاربة تتضمن الاذن به. قوله: (بهما) أي بالبيع والشراء.
قوله: (والسفر برا وبحرا) إلا أن ينهاه عنه نصا مطلقا على الأصح كما في الظهيرية.
وفي الخانية: له أن يسافر برا وبحرا في ظاهر الرواية في قول أبي حنيفة، ومحمد هو الصحيح وعن أبي حنيفة أنه لا يسافر، وهو قول أبي يوسف كما في المقدسي.
وفي القهستاني: ولا يسافر سفرا مخوفا يتحابى عنه الناس في قوتهم. قال الرحمتي: وله السفر برا وبحرا: أي في وقت لا يغلب فيه الهلاك وفي مكان كذلك. قوله: (ولو دفع له المال في بلده على الظاهر) وعن أبي يوسف عن الامام أنه إن دفع إليه المال في بلده ليس له أن يسافر به، وإن دفع إليه في غربة كان له أن يسافر به إلى بلده، لان الظاهر أن صاحبه رضي به إذ الانسان لا يقيم في دار الغربة دائما فإعطاؤه المال في هذه الحالة ثم علمه بحاله يدل على رضاه به.
وجه الظاهر أن المضاربة مشتقة من الضرب في الأرض فيملكه بمطلق العقد، إذ اللفظ دال عليه، ولا نسلم أنه تعريض على الهلاك لان الظاهر فيه السلامة ولا معتبر بالموهوم كما في الزيلعي.
قوله: (ولو لرب المال) أراد بالابضاع له استعانة فيكون ما اشتراه وما باعه على المضاربة لا ما هو