فأسقط الدائن الألف السود من ذمته وأسقط هو البيض من ذمة الآخر لا بشرط المقابلة ينبغي أن يصح، ولكنه لا يسمى ذلك صلحا كما لا يخفى. قوله: (أن الاحسان إن وجد من الدائن) بأن صالح على شئ هو أدون من حقه قدرا أو وصفا أو وقتا. قوله: (وإن منهما) أي من الدائن والمدين، بأن دخل في الصلح ما لا يستحقه الدائن من وصف كالبيض بدل السود أو ما هو في معنى الوصف كتعجيل المؤجل أو عن جنس، بخلاف جنسه. قوله: (فمعاوضة) أي ويجري فيه حكمها، فإن تحقق الربا أو شبهته فسدت وإلا صحت. قوله: (عاد دينه) عندهما. وعند أبي يوسف يبرأ. قوله: (لفوات التقييد بالشرط) أي من حيث المعنى فكأنه قيد البراءة من النصف بأداء خمسمائة في الغد، فإذا لم يؤد لا يبرأ لعدم تحقق الشرط.
والحاصل: أن كلمة على وإن كانت للعوض لكنها قد تكون بمعنى الشرط، وقد تعذر العمل بمعنى المعاوضة فتحمل على الشرط تصحيحا لتصرفه كما في الدرر. قوله: (والثاني إن لم يوقت بالغد) أي لم يذكر لفظ غد بل قال ادفع إلي خمسمائة على أنه برئ من الباقي لم يعد دينه لعدم الأداء، ويبرأ مطلقا أدى الخمسمائة في الغد أو لم يؤد، لان البراءة قد حصلت بالاطلاق وإلا فلا تتغير بما يوجب الشك في آخره. منح. قوله: (لم يعد) أي الدين مطلقا أدى أو لم يؤد. قوله: (لأنه إبراء مطلق) لأنه لما لم يوقت للأداء وقتا لم يكن الأداء غرضا صحيحا لأنه واجب على الغريم في كل زمان فلم يتقيد بما حمل على المعاوضة وهو لا يصلح عوضا، والظاهر أن الابراء مقيد بأدائه ولو في آخر جزء من أجزاء حياته، حتى إذا مات ولم يؤد يؤخذ كل الدين من تركته، لان التعليق بالأداء موجود معنى، بخلاف الوجه الرابع فإنه يبرأ مطلقا لبداءته بالابراء. قوله: (كالوجه الأول) خبر أول. وقوله: (كما قال) خبر ثان. قوله: (لبداءته بالابراء لا بالأداء) قال في الدرر لأنه أطلق الابراء وأداء خمسمائة لا يصلح عوضا ويصلح شرطا مع الشك في تقييده بالشرط فلا يتقيد بالشك، بخلاف ما إذا بدأ بأداء خمسمائة لان الابراء حصل مقرونا به، فمن حيث إنه لا يصلح عوضا يقع مطلقا، ومن حيث إنه يصلح شرطا لا يقع مطلقا فلا يثبت الاطلاق بالشك فافترقا. ا ه. قوله: (بصريح الشرط) قال القهستاني: وفيه إشعار بأنه لو قدم الجزاء صح.
في الظهيرية: لو قال حططت عنك النصف إن نقدت إلي نصفا فإنه حط عندهم وإن لم ينقده.
قوله: (كإن أديت إلي كذا) الخطاب للغريم، ومثله الكفيل كما صرح به الأسبيجابي في شرح الكافي وقاضيخان في شرح الجامع.