باطل لما ذكرنا، ولكن لا بد من كونه محالا من كل وجه، وإلا فقد ذكر في التتارخانية من كتاب الحيل لو أقر أن لهذا الصغير علي ألف درهم قرضا أقرضنيه أو من ثمن مبيع باعينه صح الاقرار مع أن الصبي ليس من أهل البيع والقرض ولا يتصور أن يكون منه، لكن إنما يصح باعتبار أن هذا المقر محل لثبوت الدين للصغير عليه في الجملة. ا ه.
أقول: قال المحشي الحموي: هل منه ما إذا أقرت عقب العقد أن مهرها لزيد مثلا. قال في شرح المنظومة والقنية: إذا أقرت وقالت المهر الذي لي على زوجي لفلان أو لولدي فإنه لا يصح ا ه.
ويؤخذ من هذا واقعة الفتوى أن الرجل لو أقر لزوجته بنفقة مدة ماضية هي فيها ناشرة ومن غير سبق قضاء أو رضا وهي معترفة بذلك فإقراره باطل لكونه محالا شرعا.
قال بعض الفضلاء: وقد أفتيت أخذا من ذلك بأن إقرار أم الولد لمولاها بدين لزمها بطريق شرعي باطل شرعا، وإن كتب به وثيقة لعدم تصور دين للمولى على أم ولده إذ الملك له فيها كامل والمملوك لا يكون عليه دين لمالكه. ا ه.
وفي الحموي أن عدم صحة إقرار المرأة بالمهر الذي لها على زوجها لوالدها لكونه هبة دين لغيره من عليه الدين، ومنه ما إذا أقر أنه باع عبده من فلان ولم يذكر الثمن ثم جحد صح جحوده لان الاقرار بالبيع بغير ثمن باطل كما في قاضيخان، وهو إحدى روايتين كما في الولوالجية. ومنه إذا زوج بنته ثم طلبوا منه أن يقر بقبض شئ من الصداق فالاقرار باطل لان أهل المجلس يعرفون أنه كذب.
الولوالجية.
قال في البيري: يؤخذ منه حكم كثير من مسائل الاقرار الواقعة في زماننا. قوله: (وبالدين بعد الابراء منه الخ) قيد به لان إقراره بالعين بعد الابراء العام صحيح مع أنه أمن الأعيان في الابراء العام كما صرح به في الأشباه وتحقيق الفرق في رسالة الشرنبلالي أفي الابراء العام.
قال الطحطاوي: صورة المسألة: وهبت لزوجها مهرها ثم أقر به بعد الهبة لا يصح إقراره.
وهذا لا ينافي ما ذكره العلامة عبد البر نقلا عن الخلاصة والصغرى قال: رجل أقر لامرأته بمهر ألف درهم في مرض موته ومات ثم أقامت الورثة البينة أن المرأة وهبت مهرها من زوجها في حياة الزوج لا تقبل لاحتمال الإبانة والإعادة على المهر المذكور، لكن في فصول العمادي ما يقتضي أن الاقرار إنما يصح بمقدار مهر المثل. ا ه. ملخصا. ثم نقلا عن المصنف أن الهبة في المهر تخالف الابراء، فلو أبرأته منه ثم أقر به لا يصح إقراره. انتهت عبارة الطحطاوي.
قال في جامع الفصولين: برهن أنه أبرأني عن هذه الدعوى ثم ادعى المدعي ثانيا أنه أقر لي بالمال بعد إبرائي، فلو قال المدعى عليه أبرأني وقبلت الابراء وقال صدقته فيه لا يصح الدفع: يعني دعوى الاقرار، ولو لم يقله يصح الدفع لاحتمال الرد، والابراء يرتد بالرد فيبقى المال عليه، بخلاف قبوله إذ لا يرتد بالرد بعده ا ه. لكن كلامنا في الابراء عن الدين، وهذا في الابراء عن الدعوى.
وفي الرابع والعشرين من التتارخانية: ولو قال أبرأتك مما لي عليك فقال علي ألف قال صدقت فهو برئ استحسانا. لا حق لي في هذه الدار فقال كان لك سدس فاشتريته منك فقال لم أبعه فله السدس، ولو قال خرجت من كل حق لي في هذه الدار أو برئت منه إليك أو أقررت لك فقال الآخر اشتريتها منك فقال لم أقبض الثمن فله الثمن. ا ه.