وفيها عن العتابية: ولو قال لا حق لي قبله برئ من كل عين ودين، وعلى هذا لو قال فلان برئ مما لي قبله دخل المضمون والأمانة، ولو قال هو برئ مما لي عليه دخل المضمون دون الأمانة، ولو قال هو برئ مما لي عنده فهو برئ من كل شئ أصله أمانة، ولا يبرأ عن المضمون، ولو ادعى الطالب حقا بعد ذلك وأقام بينة: فإن كان أرخ بعد البراءة تسمع دعواه وتقبل بينته، وإن لم يؤرخ فالقياس أن تسمع ويحمل على حق وجب بعدها. وفي الاستحسان: لا تقبل بينته انتهى. قال بعض الفضلاء بعد أن ذكر عبارة جامع الفصولين المذكورة: فهذا أولى بالاستثناء مما ذكره وسيذكره المصنف في بيان الساقط لا يعود، وبحث فيه بعض الفضلاء بأنه لا أولوية ولا مساواة عند التأمل، لان هنا إنما صحت دعواه لاحتمال الرد كما اعترف به، وأما ما استثناه المصنف فالمقصود بالهبة الهبة المعتبرة شرعا المشتملة على الايجاب والقبول وشرط الصحة واللزوم لأنها عند الاطلاق تنصرف إلى الكاملة.
هذا، وعندي في كون هذا الفرع داخلا تحت الأصل المذكور في التتارخانية نظر يعرف بالتأمل في كلامهم، لأنه إنما جاز ذلك لأنه يجعل زيادة في المهر، والزيادة في المهر جائزة عندنا. وأما ما وقع الابراء منه وسقط فلا يعود لان الساقط لا يعود. وعبارة البزازية تفيد ما قلته بعينه.
قال في المحيط: وهبت المهر منه ثم قال اشهدوا أن لها علي مهر كذا فالمختار عند الفقيه أن إقراره جائز، وعليه المهر المذكور إذا قبلت لان الزيادة لا تصح بلا قبولها. والأشبه أن لا يصح ولا تجعل زيادة بغير قصد الزيادة، فاستثناؤه في غير محله كما لا يخفى. كذا في الحواشي الحموية، ويأتي أواخر الباب إن شاء الله تعالى. قوله: (ذكره المصنف في فتاويه) ونصه: سئل عن رجلين صدر بينهما إبراء عام ثم إن رجلا منهما بعد الابراء العام أقر أن في ذمته مبلغا معينا للآخر فهل يلزمه ذلك أم لا؟
أجاب: إذا أقر بالدين بعد الابراء منه لم يلزمه كما في الفوائد الزينية نقلا عن التتارخانية. نعم إذا ادعى عليه دينا بسبب حادث بعد الابراء العام وأنه أقر به يلزمه انتهى. وانظر ما في إقرار تعارض البينات لغانم البغدادي. قوله: (قلت ومفاده) أي مفاد تقييد اللزوم بدعواه بسبب حادث. قوله: (أنه) أي الغريم. قوله: (ببقاء الدين) أي الذي أبرأه منه فليس دينا حادثا: أي بأن ما أبرأني منه باق في ذمتي، والفرق بين هذا وبين قوله السابق وبالدين بعد الابراء منه أنه قال هناك بعد الابراء لفلان علي كذا وفي الثانية قال دين فلان باق علي، والحكم فيهما واحد وهو البطلان. تأمل. قوله: (فحكمه كالأول) أي الاقرار بالدين بعد الابراء منه: أي فإنه باطل. قوله: (الفعل في المرض) كالاقرار فيه بدين وكالتزوج والعتق والهبة والمحاباة. قوله: (أحط من فعل الصحة) فإن الاقرار فيه بدين مؤخر عن دين الصحة والتزوج ينفذ فيه بمهر المثل وتبطل الزيادة، بخلاف الصحة والعتق وما بعده في المرض تنفذ من الثلث، وفي الصحة من الكل. قوله: (إلا في مسألة إسناد الناظر النظر لغيره) المراد بالاسناد التفويض، فإنه إذا فوضه في صحته لا يصح إلا إذا شرط له التفويض، وإذا فوضه في مرضه صح.
قوله: (بلا شرط) أي شرط الواقف التفويض له، أما إذا كان هناك شرط فيستويان. قوله: (تتمة) أي انتهى من التتمة، وهي اسم كتاب.