الثالث: على كيلي أو وزني مما له حمل ومؤنة، فيحتاج إلى ذكر قدر وصفة ومكان تسليمه عند أبي حنيفة كما في السلم.
الرابع: صلح على ثوب، فيحتاج إلى ذكر ذرع وصفة وأجل إذ الثوب لا يكون دينا إلا في السلم وهو عرف مؤجلا.
الخامس: صلح على حيوان، ولا يجوز إلا بعينه، إذ الصلح من التجارة والحيوان لا يصلح دينا فيما انتهى؟ قوله: (إن كان يحتاج إلى قبضه) فإن كان لا يحتاج إلى قبضه لا يشترط معلوميته مثل أن يدعي حقا في دار رجل وادعى المدعى عليه حقا في أرض بيد المدعي فاصطلحا على ترك الدعوى جاز وإن لم يبين كل منهما مقدار حقه، لان جهالة الساقط لا تفضي إلى المنازعة كما في الدرر.
قال في العناية: ويفسده جهالة المصالح عليه لأنها تفضي إلى المنازعة دون جهالة المصالح عنه لأنه يسقط، وهذا ليس على إطلاقه بل فيه تفصيل، وهو أن الصلح باعتبار بدليه على أربعة أوجه: إما أن يكون عن معلوم على معلوم وهو جائز لا محالة، وإما أن يكون عن مجهول على مجهول، فإن لم يحتج فيه إلى التسليم والتسلم، مثل أن يدعي حقا في دار رجل وادعى المدعى عليه حقا في أرض بيد المدعى فاصطلحا على ترك الدعوى جاز وإن احتيج إليه، وقد اصطلحا على أن يدفع أحدهما مالا ولم يبينه على أن يترك الآخر دعواه أو على أن يسلم إليه ما ادعاه لم يجز، وإما أن يكون عن مجهول على معلوم وقد احتيج إليه إلى التسليم، كما لو ادعى حقا في دار يد رجل ولم يسمه فاصطلحا على أن يعطيه المدعى مالا معلوما ليسلم المدعى عليه ما ادعاه وهو لا يجوز، وإن لم يحتج فيه إلى التسليم كما إذا اصطلحا في هذه الصورة على أن يترك المدعي دعواه جاز، وإما أن يكون عن معلوم على مجهول وقد احتيج فيه إلى التسليم لا يجوز، وإن لم يحتج إليه جاز. والأصل في ذلك أن الجهالة المفضية للمنازعة المانعة عن التسليم والتسلم هي المفسدة، فما لا يجب التسلم والتسليم جاز، وما وجبا فيه لم يجز مع الجهالة، لان القدرة على تسليم البدل شرط لكونه في معنى البيع انتهى.. قوله: (وكون المصالح عنه حقا) أي للمصالح ثابتا في المحل لا حقا لله تعالى فخرج بقولنا: أي للمصالح ما إذا ادعت مطلقة على زوجها أن صبيا في يد أحدهما ابنها منه فصالحها على شئ لتترك الدعوى فإنه يبطل، لان النسب حق الصبي لا حقهما فلا تملك الاعتياض عن حق غيرها. وخرج بقولنا ثابتا في المحل مصالحة الكفيل بالنفس على مال على أن يبرئه من الكفالة، لان الثابت للطالب حق المطالبة بتسليم نفس الأصيل، وهو عبارة عن ولاية المطالبة وأنها صفة الوالي فلا يجوز الصلح عنه كما يأتي.
واختلفت الرواية في بطلان الكفالة كما في الكافي، والأصح بطلانها كما في منية المفتي، وبه يفتى كما في العناية والبيانية: وبقي من الشروط قبض بدله إن كان دينا بدين، وإلا لا كما سيأتي.
قوله: (كالقصاص) في النفس، إنما جاز الصلح عنه لان المحل فيه يصير مملوكا في حق الاستيفاء فكان الحق ثابتا في المحل فيملك الاعتياض عنه بالصلح ط. قوله: (والتعزير) الذي هو حق العبد كأن صالحه عن سبه بما دون قذف، أما التعزير الذي هو حق الله تعالى كقبلة من أجنبية فالظاهر عدم صحة الصلح عنه، لان الصلح لا يكون إلا من صاحب الحق كما أفاده الرحمتي. قوله: (أو مجهولا) كأن