مختلفين، بأن ادعى أحدهما هبة والآخر شراء، لو كانت العين بيد ثالث أو بيدهما أو بيد أحدهما فحكمه كحكم ما إذا ادعيا ملكا مطلقا، إذ كل منهما يثبت الملك المطلق لمملكه ثم يثبت الانتقال إلى نفسه، فكأن المملكين ادعيا ملكا مطلقا وبرهنا، ففي كل موضع ذكرنا في دعوى الملك المطلق أن يقضي بينهما فكذا هنا، كذا ذا. وفي يس: عين بيده وبرهن آخر أنه شراه من زيد وبرهن آخر أن بكرا وهبه فهو بينهما، ولو برهنا على التلقي من واحد فالشراء أولى إذا تصادقا، على أنه لواحد فبقي النزاع في السبق فالشراء أسبق، لأنه لما لم يبين سبق أحدهما جعلا كأنهما وافقا معا، ولو تقارنا كان الشراء أسرع نفاذا من الهبة لأنها لا تصح إلا بقبض والبيع يصح بدونه.
هذا، وإن ادعى أحدهما الشراء من زيد والآخر هبة وقبضا من الآخر والعين في يد ثالث:
قضى بينهما، وكذا لو ادعى ثالث ميراثا عن أبيه وادعى رابع صدقة وقبضا من آخر: قضى بينهم أرباعا عند استواء الحجة إذ تلقوا الملك من مملكهم فكأنهم حضروا وبرهنوا على الملك المطلق. فصولين من أواخر الثامن.
وإن ادعى أحدهما شراء من زيد والآخر الهبة من الآخر والعين في يد ثالث: قضى بينهما، وكذا إن ادعى ثالث ميراثا عن أبيه وادعى رابع صدقة من آخر: قضى بينهم أرباعا، وإن كانت العين في يد أحدهما: يقضى للخارج إلا في أسبق التاريخ، وإن كان في أيديهما: يقضى بينهما إلا في أسبق التاريخ فهو له، وهذا إذا كان المدعي مما لا يقسم كالعبد والدابة. وأما ما يقسم كالدار والعقار فإنه يقضي لمدعي الشراء. أنقروي. وإنما يصح أن يقضى بينهما لو كان المدعي مما لا يحتمل القسمة، أما المحتمل فيقضي بكله لمدعي الشراء. والصحيح في الهبة أن يقضي بينهما احتمل القسمة أو لا، إذ الشيوع الطارئ لا يفسد الهبة والصدقة في الصحيح ويفسد الرهن. كذا في أواخر الفصل الثامن من الفصولين. وهذا آخر ما وجدته ونقلته من نسخة محرفة تحريفا كليا بعد أن صححت ما ظهر لي من الغلط بالرجوع إلى أصوله التي هي في يدي ومتى ظفرت ببقية الأصول المنقول عنها تمم تصحيحهما إن شاء الله تعالى. قوله: (أو شراء مؤرخ) أشار بذكره بعد ذكر الملك إلى أنه لا فرق بين دعوى الملك المطلق والذي بسبب.
قال العيني: وأما الصورة الثانية: أي صورة الشراء فلأنهما لما ادعيا الشراء من شخص واحد فقد اتفقا أن الملك له، فمن أثبت منهما التلقي من جهته في زمان لا يزاحمه فيه أحد كان أولى ا ه.
فقوله وإن برهن خارجان الخ يشتمل على ثمان مسائل من الصور المتقدمة. قوله: (من واحد غير ذي يد) إنما قيد به تبعا للهداية، لان دعوى الخارجين الشراء من ذي يد قد تقدمت في قوله ولو برهن خارجان على شئ قضى به لهما فلا فائدة في التعميم. بحر.
وفيه: وقيد بالبرهان على التاريخ أي منهما في الأولى، لأنه لو أرخت إحداهما دون الأخرى فهو سواء كما لم يؤرخا عنده. وقال أبو يوسف: المؤرخ أولى. وقال محمد: المبهم أولى، بخلاف ما إذا أرخت إحداهما فقط في الثانية فإن المؤرخ أولى.
والحاصل: أنهما إذا لم يؤرخا أو أرخا واستويا فهي بينهما في المسألتين، وإن أرخا وسبق أحدهما فالسابق أولى فيهما، وإن أرخت إحداهما فقط فهي الأحق في الثانية لا في الأولى، وقدمنا أن دعوى الوقف كدعوى الملك المطلق فيقدم الخارج والأسبق تاريخا. قوله: (وذو يد على ملك) قيد بالملك،