تكملة البحر الرائق - الشيخ محمد بن حسين بن علي الطوري القادري الحنفي - ج ٣ - الصفحة ٢٥١
عين من مال آخر فأجاز رب المال بعد موت الموصي ودفعه صح وله المنع بعد الاجازة
____________________
دفع الوارث الثلث إلى الأول بقضاء قاض فإنه لا يضمن للثاني عندهم جميعا. وهذا الذي ذكرنا كله إذا كان الاقرار للثاني منفصلا عن الأول، فأما إذا كان متصلا كان الثلث بينهما نصفين، ونظير هذا الاقرار بالوديعة لو أقر أن هذا العبد عنده وديعة لفلان وفلان أو قال وديعة عنده ولفلان آخر متصلا كان العبد بينهما نصفين كأنه قال هذا العبد وديعة عندي لفلان ثم قال لا بل لفلان فإن العبد كله للأول فكذا هذا قال: وإذا أقر الوارث بوصية ألف درهم بعينها ثم أقر ذلك بعد بالثلث لآخر ثم رفع ذلك إلى القاضي فإنه يدفع الألف إلى الأول وكان الجواب فيه كالجواب فيما إذا أقر بالثلث لآخر ثم رفع ذلك إلى القاضي فإنه يدفع الألف إلى الأول، ثم أقر بعد ذلك للثاني، فإن الثلث كله يدفع للأول ولا يكون للثاني فيه شئ كذلك هذا الجواب فيما لو أقر بوصية بغير عينها والجواب فيما لو أقر بألف بعينها لأن الوصايا تنفذ من الثلث فصار الثلث كله مستحقا للأول بالاقرار الأول، وكان الجواب فيما لو أقر بألف. قال محمد في الجامع في الرجل يموت ويترك وارثين وألفي درهم فيأخذ كل واحد منهما ألفا فغاب أحدهما وأقر الحاضر لرجل أن الميت أوصى له بثلث أخذ المقر له من الحاضر ثلث ما في يده، فرق بين هذا وبين ما إذا أقر الحاضر بدين له فإنه يأخذ كل ذلك من نصيبه، وإن أقر أحدهما بوديعة بعينها وذلك في نصيبه وكذبه الآخر فإنه يؤخذ ذلك كله من المقر، وإن أقر بوديعة مجهولة يستوفي الكل من نصيبه. ولو أقر أحدهما بشركة بينه وبين الآخر وكذبه الآخر صح في نصيبه ويقسم ما في يده بين المقر والمقر له ولا يأخذ المقر له من الجاحد شيئا لأن إقرار كل مقر يصح في حقه ولا يصح في حق غيره، ونظير هذا ما قالوا في رجل مات وترك بنتين وأقرب إحدى البنتين بأخ مجهول وكذبتها البنت الأخرى فإن الأخ المقر له يأخذ من نصيب البنت المقرة وفي الكافي: ابنان اقتسما تركه الأب ألفا ثم أقر أحدهما الرجل أن لأب أوصى له بثلث ماله فالمقر يعطيه ثلث ما في يده استحسانا. وقال زفر: يعطيه نصف ما في يده قياسا، ولو كان البنون ثلاثة والتركة ثلاثة آلاف فاقسموها فجاء رجل وادعى أن الميت أوصى له بثلث ماله مصدقه واحد منهم فإنه يعطيه عند زفر ثلاثا أخماس ما في يده، وعندنا يعطيه ثلث ما في يده. قال رحمه الله: (وبألف عين من مال آخر فأجاز رب المال بعد موت الموصى ودفعه صح وله المنع بعد الإجازة) أي إذا أوصى لرجل بألف درهم بعينها من مال غيره فأجاز صاحب المال بعد موت الموصي ودفعه إليه جاز وله الامتناع من التسليم بعد الإجازة لأنه تبرع بمال الغير فيتوقف على إجازة صاحبه، فإن أجاز كان منه هذا ابتداء تبرع فله أن يمتنع من التسليم كسائر التبرعات بخلاف ما إذا أوصى بالزيادة على الثلث أو للقاتل أو للوارث فأجازتها الورثة حيث لا يكون لهم أن يمنعوا من التسليم لأن الوصية
(٢٥١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 244 245 246 247 249 251 252 255 256 262 267 ... » »»
الفهرست