تكملة البحر الرائق - الشيخ محمد بن حسين بن علي الطوري القادري الحنفي - ج ٣ - الصفحة ٢٤٦
فضاع ثوب ولم يدر أي والوارث يقول لكل هلك حقك بطلت إلا أن يسملوا ما بقي
____________________
وقد أضيف إلى ما لا يملكه وإلى ما يملكه فيصح فيما يملكه ويبطل فيما لا يملكه، ولم يبطل هذا ببطلان الآخر لأن الشركة بينهما في حكم الايجاب وببطلان بعض الحكم لا يبطل الايجاب بخلاف ما لو أقر المريض لأجنبي ولوارثه في كلا واحد حيث يبطل الكل عند أبي حنيفة وأبي يوسف لأن الاشتراك هناك يخبر عنه لأن الاقرار اخبار عن كائن سابق والخبر بناء على المخبر به فكان المخبر به العلة والخبر بمنزلة الحكم للعلة، فإذا لم يثبت المخبر المخبر عنه وهو الاشتراك لم يثبت حكمه وهو الخبر. أصله أن الوارث إذا كان بحال لا يحوز جميع الميراث فالوصية بمقدار الثلث للأجنبي مقدمة في التنفيذ في حق هذا الوارث وفيما زاد على الثلث مؤخرة فإن الوصية بالثلث تقع نافذة من غير إجازة فكانت وصية قوية مستحكمة فتكون في التنفيذ مقدمة، والوصية بما زاد على الثلث واهية ضعيفة لأنها لا تجوز إلا بالإجازة لتعلق حق الورثة به فكانت مؤخرة عن حق الورثة لأن حقهم متأكد، فإذا وصل إلى الوارث حقه صار كمن لا وارث له فتنفذ وصيته فيه. والثاني أن من لا وارث له تصح وصيته بجميع المال الموجود المطلق وهي مالكيته وأهليته. امرأة ماتت عن زوج وأوصت بنصف مالها لأجنبي جاز للزوج الثلث وهو نصف الثلثين وللموصى له النصف يبقى سدس لبيت المال لأن وصية الأجنبي بقدر الثلث وصية مؤكدة فكانت في التنفيذ مقدمة فصار الثلث مستحقا بالوصية فيبطل الإرث فيه فيبقى تركتها ثلثي المال فللزوج نصف ذلك وهو ثلث الكل يبقى ثلث آخر وليس له مستحق بالميراث فتنفذ فيه الوصية في ثلثه وذلك سدس فوصل إلى الموصى له نصف المال وبقي سدس لا وصية ولا وارث فيه فيصرف إلى بيت المال. وكذلك لو مات الرجل عن امرأته وأوصى بماله كله لأجنبي ولم تجز الوصية فللمرأة السدس وخمسة أسداسه للموصى له لأن الثلث صار مستحقا بالوصية بقيت التركة بثلثي المال فللمرأة ربع ذلك والباقي للموصى له لأن الوصية مقدمة على بيت المال. ولو ماتت عن زوج وأوصت لقاتلها بالنصف يأخذ الزوج النصف أولا وللقاتل النصف الآخر وهي وصية ضعيفة لأنه بمنزلة الوارث فيقدم الميراث عليها فيستحق الزوج أولا نصف المال بالإرث والنصف الباقي فارغ عن حق الورثة فتنفذ الوصية فيه للقاتل كما تنفذ الوصية للقاتل في تركة من لا وارث له. ولو تركت عبدين قيمتهما سواء وأوصت بأحدهما لزوجها فله العبدان بالإرث والوصية لأنه مستحق لما فضل عن فرضه فيكون عاريا عن حق الغير فصحت الوصية لفقد المانع، أصله أن الوصية للوارث بالثلث بمنزلة الوصية للأجنبي بما زاد على الثلث حتى لا تنفذ كل واحدة منهما إلا بإجازة الورثة لأنها صادفت محلا تعلق به حق بعض الورثة فيتوقف على اجازتهم.
قال رحمه الله: (وبثياب متفاوتة لثلاثة فضاع ثوب ولم يدر أي والوارث يقول لكل هلك حقك بطلت) أي إذا أوصى بثلاثة ثياب متفاوتة وهي جيد ووسط وردئ لثلاثة أنفار لكل
(٢٤٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 239 241 243 244 245 246 247 249 251 252 255 ... » »»
الفهرست