تكملة البحر الرائق - الشيخ محمد بن حسين بن علي الطوري القادري الحنفي - ج ٣ - الصفحة ٢٤٤
لفلان على دين فصدقوه فإنه يصدق إلى الثلث فإن أوصى بوصايا عزل الثلث لاصحاب الوصايا والثلثان للورثة وقيل لك صدقوه فيما شئتم وما بقي من الثلث
____________________
الله تعالى * (فهم شركاء في الثلث) * وقد أشرك الثالث فيما أوصى به لكل واحد منهما في استحقاق المائة وذلك يوجب أن يكون له نصف كل مائة. وجه الاستحسان أنه أثبت الشركة بينهم وهي تقتضي المساواة وإنما ثبتت المساواة إذا لم يؤخذ من كل واحد منهما نصف المائة فعلم بهذا أنه شركة معهما جملة واحدة فلا يعتبر باشراكه إياه مع كل واحد منهما متفرقا اه‍. قال رحمه الله: (وإن قال لورثته لفلان علي دين فصدقوه فإنه يصدق إلى الثلث) وهذا استحسان، والقياس أن لا يصدق لأن الاقرار بالمجهول وإن كان صحيحا لا يحكم به إلا بالبيان. وقوله فصدقوه مخالف للشرع لأن المدعي لا يصدق إلا بحجة فتعذر جعله إقرارا مطلقا فلا يعتبر فصار كمن قال كل من ادعى علي شئ فأعطوه فإنه باطل لكونه مخالفا للشرع إلا أن يقول إن رأى الموصي أن يعطيه فحينئذ يجوز من الثلث. وجه الاستحسان أنا نعلم قصده تقديمه على الورثة وقد أمكن تنفيذ قصده بطريق الوصية وقد يحتاج إليه من يعلم بأصل الحق عليه دون مقداره فيسعى في تفريغ ذمته فيجعل وصية جعل التقدير فيها إلى الموصى له كأنه قال لهم إذا جاءكم فلان وادعى شيئا فأعطوه من مالي ما شاء فهذه معتبرة فكذا هذا فيصدق إلى الثلث. قال رحمه الله: (فإن أوصى بوصايا) أي مع ذلك قوله: (عزل الثلث لأصحاب الوصايا والثلثان للورثة وقيل لك صدقوه فيما شئتم وما بقي من الثلث فللوصايا) الأصحاب الوصايا لا يشاركهم فيه صاحب الدين وإنما عزل الثلث والثلثان لأن الوصايا حقوق معلومة في الثلث والميراث معلوم في الثلثين وهذا ليس يدين معلوم ولا وصية معلومة فلا يزاحم المعلوم وقدمنا عزل المعلوم، وفي الاقرار فائدة أخرى وهي أن أحد الفريقين قد يكون أعرف بمقدار هذا الحق وما يتعلق به وربما يختلفون في الفضل إذا ادعاه الخصم، فإذا أقر فقد علمنا أن في التركة دينا شائعا في جميع التركة فيؤمر أصحاب الوصايا والورثة ببيانه، فإذا بينوا شيئا أخذ أصحاب الوصايا بثلث ما أقروا به والورثة بثلثي ما أقروا به لأن إقرار كل فريق نافذ في حق نفسه فتلزمه بحصته، وإن ادعى المقر له أكثر من ذلك حلف كل فريق على نفي العلم لأنه تحليف على فعل الغير. قال الشارح قال العبد الضعيف الراجي عفو ربه الكريم: هذا مشكل من حيث إن الورثة كانوا يصدقونه إلى الثلث ولا يلزمهم أن يصدقوه في أكثر من الثلث لأن أصحاب الوصايا أخذوا الثلث على تقدير أن تكون الوصايا تستغرق الثلث كله ولم يبق في أيديهم من الثلث شئ فوجب أن لا يلزمهم تصديقه. قال صاحب العناية: حاصله أنه تصرف بشبه الاقرار لفظا ويشبه الوصية تنفيذا فباعتبار شبه الوصية لا يصدق في الزيادة على الثلث. وباعتبار شبه الاقرار يجعل شائعا في الا ثلاث ولا يخصص بالثلث الذي لأصحاب الوصايا عملا بالشبهين، وقد سبقه تاج الشريعة
(٢٤٤)
مفاتيح البحث: الوصية (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 235 236 239 241 243 244 245 246 247 249 251 ... » »»
الفهرست