تكملة البحر الرائق - الشيخ محمد بن حسين بن علي الطوري القادري الحنفي - ج ٣ - الصفحة ٢٠٧
جناية العبد إلا أن يصدقوه في الإقرار وإن جنى حر على خطأ فهي على عاقلته.
____________________
يصدقوه في الاقرار) لأن التصديق إقرار منهم فتلزمهم بإقرارهم بأن لهم ولاية على أنفسهم والامتناع كان لحقهم وقد زال أو تقوم البينة لأن ما ثبت بالبينة كالمشاهدة لأنها كاسمها مبينة، وتقبل البينة هنا مع الاقرار وإن كانت لا تعتبر معه لأنها تثبت ما ليس بثابت باقرار المدعى عليه وهو الوجوب على العاقلة، ثم ما ثبت بالاقرار يجب مؤجلا وما ثبت بالصلح حال إلا إذ شرط التأجيل في الصلح وقد عرف في موضعه. ولو أقر بالقتل خطأ فلم يرتفعوا إلى الحاكم إلا بعد سنين فقضي عليه بالدية في ماله في ثلاث سنين كان أول المدة من يوم قضي عليه لأن التأجيل من وقت القضاء في الثابت بالبينة فكذا في الثابت بالاقرار أولى لأنه أضعف. ولو تصادق القاتل وأولياء المقتول على أن قاضي بلد كذا قضى بالدية على عاقلته بالبينة وكذبتهما العاقلة فلا شئ على العاقلة لأن تصادقهما لا يكون حجة عليهم ولم يكن عليه شئ في ماله لأن الدية بتصادقهما تقررت على العاقلة بالقضاء وتصادقهما حجة في حقهما فلا يلزم إلا حصته بخلاف الأول حيث تجب جميع الدية على المقر لأنه لم يوجد التصديق من الولي بالقضاء بالدية على العاقلة وقد وجد هنا فافترقا.
قال رحمه الله: (وإن جنى حر على عبد خطأ فهي على عاقلته) يعني إذا قتله لأن العاقلة لا تتحمل أطراف العبد. وقال الشافعي: لا تتحمل النفس أيضا بل يجب في مال القاتل. ولنا أنه آدمي فتتحمله العاقلة كالحر وهذا لأن ما يجب بقتله دية وهي بدل الآدمي لا المال على ما بيناه من قبل فكانت على العاقلة بخلاف ما دون النفس لأنه يسلك به مسلك الأموال، والمراد بالحديث قوله صلى الله عليه وسلم لا تعقل العاقلة عمدا عبدا ولا جناية أي لا تعقل العاقلة جناية عمدا ولا جناية عبد ونحن نقول به لأن جنايته توجب دفعة إلا أن يفديه المولى. قال أصحابنا: ليس على المرأة والذرية ممن له حظ في الديوان عقل لقول عمر رضي الله عنه:
لا يعقل مع العواقل صبي ولا امرأة. ولان العقل إنما يجب على أهل النصرة والناس لا يتناصرون بالصبيان والنساء ولهذا لا يوضع عليهم ما هو خلف عن النصرة وهو الجزية، وعلى هذا لو كان القاتل صبيا أو امرأة لا شئ عليهما من الدية وهذا صحيح فيما إذا قتله غيرهما، وأما إذا باشرا القتل بأنفسهما فالصحيح أنهما يشاركان العاقلة، وكذا المجنون إذا قتل فالصحيح أن يكون كواحد من العاقلة. والحاصل أن الاستنصار بالديوان أظهر فلا يظهر معه حكم النصرة بالقرابة والولاء وقرب السكني والعدو الحلف وبعد الديوان النصرة بالنسب على ما بينا، وعلى هذا يخرج كثيرا من مسائل المعاقل. أخوان ديوان أحدهما بالبصرة وديوان الثاني بالكوفة لا يعقل أحدهما عن صاحبه إنما يعقل عنه أهل ديوانه، ومن جنى جناية من أهل البصرة وليس له في أهل الديوان عطاء وأهل البادية أقرب إليه نسبا ومسكنه المصر عقل عنه أهل الديوان من ذلك المصر، ولم يشترط أن يكون بينه وبين أهل الديوان قرابة لأن أهل
(٢٠٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 201 202 203 205 206 207 211 213 222 224 228 ... » »»
الفهرست