تكملة البحر الرائق - الشيخ محمد بن حسين بن علي الطوري القادري الحنفي - ج ٣ - الصفحة ٢١٣
وهي مستحبة ولا تصح بما زاد على الثلث والجحود لا يكون رجوعا أوصى
____________________
صفتها فقد ذكرها المؤلف. وأما حكمها فالموصى له يملك المال بالقبض. وأما سبب مشروعيتها فقوله تعالى: * (من بعد وصية يوصى بها أو دين) * (النساء: 12) قال رحمه الله:
وهي مستحبة يعني الوصية مستحبة. أقول: الحكم بالاستحباب على الوصية مطلقا لا يناسب ما سيأتي من التفصيل في الكتاب من أن الوصية بالثلث للأجنبي جائزة بدون الثلث مستحبة إن كانت الورثة أغنياء أو يستغنون بنصيبهم، وإن كانوا فقراء لا يستغنون بما يرثون فترك الوصية أولى وأنها لا تجوز للوارث والقاتل فكان الظاهر أن يقال: الوصية غير واجبة بل هي مستحبة أو جائزة اللهم إلا أن يوجه قوله وهي مستحبة بأن المراد به أن غاية أمرها الاستحباب دون الوجوب لا أنها مستحبة على الاطلاق فكأنه قال إنها لا تصل إلى مرتبة الوجوب بل قصارى أمرها الاستحباب لكن يرد عليه النقض بالوصية لحقوق الله تعالى كالصلاة والزكاة والصوم والحج التي فرط فيها. والظاهر أنها واجبة كما صرح به الإمام الزيلعي في التبيين. قال في العناية أخذا من النهاية: فقوله غير واجبة رد لقول من يقول إن الوصية للوالدين والأقربين إذا كانوا ممن لا يرثون فرض، ولقول من يقول الوصية واجبة على كل أحد ممن له مروءة ويسار لقوله تعالى * (كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت إن ترك خيرا الوصية للوالدين والأقربين) * (البقرة: 180) والمكتوب علينا فرض ولما لم يفهم الاستحباب من نفي الوجوب لجواز الإباحة قال الشارح: هذا إذا لم يكن عليه حق مستحق لله، وإن كان عليه حق مستحق لله كالزكاة والصوم أو الحج أو الصلاة التي فرط فيها فهي واجبة والقياس يأبى جوازها لأنها تمليك مضاف إلى حال زوال الملك، ولو أضافه إلى حال قيامه بأن قال ملكتك غدا كان باطلا فهذا أولى إلا أن الشارع إجازة لحاجة الناس إليها لأن الانسان مغرور إلى بأمله مقصر في عمله، فإذا عرض له عارض وخاف الهلاك يحتاج إلى تلافي ما فاته من التقصير بماله على وجه لو تحقق ما كان مخالفة يحصل مقصوده وقد يبقى الملك بعد الموت باعتبار الحاجة كما يبقى في قدر التجهيز والدين وقد نطق بها الكتاب وهو قوله تعالى * (من بعد وصية يوصى بها أو دين) * والسنة وهو قوله عليه الصلاة والسلام إن الله قد تصدق عليكم بثلث أموالكم عند وفاتكم زيادة في حسناتكم ليجعلها لكم زيادة في أعمالكم وعليه إجماع الأمة. ثم تصح الوصية للأجنبي بالثلث من غير إجازة الوارث ولا تجوز بما زاد على الثلث لما روي عن سعد ابن أبي وقاص أنه قال: جاءني رسول الله صلى الله عليه وسلم يعودني من وجع اشتد بي قلت: يا رسول الله قد بلغ بي من الوجع ما ترى وأنا ذو مال ولا يرثني إلا ابنة لي أفأتصدق بثلثي مالي؟ قال: لا. قال قلت: فالشطر يا رسول الله؟ قال: لا. قال قلت: فالثلث؟ قال: فالثلث والثلث كثير إنك إن تذر ورثتك أغنياء خير
(٢١٣)
مفاتيح البحث: الإستحباب (1)، الوصية (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 203 205 206 207 211 213 222 224 228 231 232 ... » »»
الفهرست