وذكر الولوالجي: لو دخل الموادعون بلدة أخرى لا موادعة معهم فغزا المسلمون في تلك البلدة فهؤلاء آمنون لبقاء الأمان. ولو أسر من الموادعين أهل دار أخرى فاستولى عليه المسلمون كان فيأ لأن حكم الموادعة بطل في حق الأسير اه. وفي المحيط: ولو وقع الصلح ثم سرق مسلم منهم شئ لا يملكه، وكذا إن أغار المسلمون عليهم وسبوا قوما منهم لم يسع المسلمون الشراء من ذلك السبي ويرد المبيع، ومن دخل منهم دارنا بغير أمان لا نتعرض له لأن الموادعة السابقة كافية في إفادة الأمان والعصمة اه. وأطلق في المصالح ولم يقيده بالإمام لأن موادعة المسلم أهل الحرب جائزة كاعطائه الأمان، فإن كان على مال ولم يعلم الإمام ذلك، فإن مضت المدة أخذه وجعله في بيت المال، وإن علم بها قبل مضيها، فإن كان فيها خير أمضاها وأخذ المال وإلا أبطلها ورد المال ونبذ إليهم، وإن كان بعد مضي البعض رد كل المال استحسانا بخلاف ما إذا وادعهم ثلاث سنين كل سنة بكذا وقبض المال كله ثم أراد الإمام نقضها بعد مضي سنة فإنه يرد الثلثين لتفريق العقود هنا بتفريق التسمية بخلاف الأول فإن العقد واحد. ولو وادع المسلمون أهل الحرب على أن يؤدوا كل سنة مائة رأس إلينا وفيها خير، فإن كانت من أنفسهم وأهليهم وذراريهم لم يصح لأن الكل دخلوا تحت الأمان فلا يجوز استرقاقهم وتمليكهم، وإن صالحوا على مائة رأس بأعيانهم أول سنة على أن يكون أولئك لهم ثم يعطوهم كل سنة مائة رأس من رقيقهم جاز لعدم دخولهم تحت الأمان، وتمامه في المحيط. وذكر الولوالجي: وهذا كله إذا وقع الصلح على أن يكونوا مبقين على أحكام الكفر، فإن وقع الصلح على أن تجري عليهم أحكام الاسلام فقد صاروا ذمة ولا يسع للمسلمين أن لا يقبلوا ذلك منهم لأنهم لما قبلوا حكم الاسلام صاروا من جملة أهلها.
قوله: (وننبذ لو خيرا) لأنه عليه السلام نبذ الموادعة التي كانت بينه وبين أهل مكة ولان المصلحة لما تبدلت كان النبذ جهارا وإبقاء العهد ترك الجهاد صورة ومعنى فلا بد من النبذ تحرزا عن الغدر. ولا بد من اعتبار مدة يبلغ خبر النبذ إلى جميعهم ويكتفي في ذلك بمضي مدة يتمكن ملكهم بعد علمه بالنبذ من إنفاذ الخبر إلى أطراف مملكته لأن بذلك ينتفي الغدر، فإن كانوا خرجوا من حصونهم وتفرقوا في البلاد أو خربوا حصونهم بسب الأمان فحتى يعودوا كلهم إلى مأمنهم ويعمروا حصونهم مثل ما كانت توقيا عن الغدر. وفي المغرب: نبذ الشئ من يده طرحه ورمى به نبذا، ونبذ العهد نقضه وهو من ذلك لأنه طرح له. وفي النهاية: والمراد هنا من قوله فلا بد من النبذ إعلام نقض العهد. وذكر الشارح أن النبذ يكون على الوجه الذي كان الأمان، فإن كان منتشرا يجب أن يكون النبذ كذلك، وإن كان غير منتشر بأن أمنهم واحد