البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٥ - الصفحة ١٤٥
سواء مات في نصف السنة أو آخرها. ثم اعلم أن من مات في دار الحرب إنما لا يورث نصيبه إذا مات قبل القسمة أو قبل البيع، أما إن مات بعد القسمة أو البيع في دار الحرب فإنه يورث نصيبه كما صرح به في التتارخانية قوله: (وينتفع فيها بعلف وطعام وحطب وسلاح ودهن بلا قسمة) لما رواه البخاري عن ابن عمر أنه قال: كنا نصيب في مغازينا العسل والعنب فنأكل ولا نرفعه. أطلقه ولم يقيده بالحاجة وقد شرطها في رواية ولم يشترطها في الأخرى وهو الاستحسان فيجوز للغني والفقير. وجه الأولى أنه مشترك فلا يباح الانتفاع به إلا لحاجة كما في الثياب والدواب، ووجه الأخرى قوله عليه السلام في طعام خيبر كلوها واعلفوها ولا تحملوها ولان الحكم يدار على دليل الحاجة وهو كونه في دار الحرب. وظاهر كلامهم أن السلاح لا يجوز له إلا بشرط الحاجة اتفاقا وقد صرح به في الظهيرية مع أن المصنف سوى بين الكل. وأطلق الطعام فشمل المهيأ للاكل وغيره حتى يجوز لهم ذبح المواشي ويردون جلودها في الغنيمة، وقيد جواز الانتفاع بما ذكر في الظهيرية بما إذا لم ينههم الإمام عن الانتفاع بالمأكول والمشروب، أما إذا نهاهم عنه فلا يباح لهم الانتفاع به اه‍.
وينبغي أن يقيد بما إذا لم تكن حاجتهم إليه، أما إذا احتاجوا إلى المأكول والمشروب لا يعمل نهيه. وقيد بالمذكورات لأن ما لا يؤكل عادة لا يجوز لهم تناوله مثل الأدوية والطيب ودهن البنفسج وما أشبه ذلك للحديث ردوا الخيط والمخيط كذا في الشرح. ولا شك أنه لو تحقق بأحدهم مرض يحوجه إلى استعمالها كان له ذلك كلبس الثوب فالمعتبر حقيقة الحاجة، ذكره في فتح القدير بحثا، وقد صرح به في المحيط. والضمير في قوله ينتفع عائد إلى الغانمين فخرج التاجر والداخل لخدمة الجندي بأجر لا يحل لهم إلا أن يكون خبز الحنطة أو طبخ اللحم فلا بأس به حينئذ لأنه ملكه بالاستهلاك، ولو فعلوا لا ضمان عليهم. ويأخذ الجندي ما يكفيه ومن معه من عبيده ونسائه وصبيانه الذي دخلوا معه. قالوا: ولو احتاج الكل إلى الثياب والسلاح قسمها حينئذ. ولم يذكر محمد قسمة السلاح ولا فرق كما ذكر المصنف لأن الحاجة في الثياب والسلاح واحد بخلاف السبي لا يقسم إذا احتيج إليه لأنه من فضول الحوائج لا أصولها. وفي المحيط: وجد مسلم جارية مأسورة له في دار الحرب في أيديهم وقد دخل بأمان كرهت له غصبها ووطأها إلا إذا كانت مدبرة أو أم ولد له فلا يكره لأن
(١٤٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 140 141 142 143 144 145 146 147 148 149 150 ... » »»
الفهرست