البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٥ - الصفحة ١٣٧
آخرون من المسلمين قتلوا الرجل وسبوا النساء والأموال واقتسموا ذلك وولد لهم منهن أولاد ثم علموا بالأمان فعلى الذين قتلوا دية من قتلوا وترد النساء والأموال إلى أهلها وتغرم للنساء أصدقتهن لما أصابوا من فروجهن، والأولاد أحرار مسلمون تبعا لأبيهم لكن إنما ترد النساء بعد ثلاث حيض، وفي زمان الاعتداد يوضعن على يدي عدل، والعدل امرأة عجوز ثقة لا الرجل، ويكون الأولاد أحرارا بغير قيمة، كذا في التتارخانية اه‍. وأما صفته فهو عقد غير لازم حتى لو رأى الإمام المصلحة في نقضه نقضه، كذا في البدائع قوله: (وننبذ لو شرا) أي نقض الإمام الأمان لو كان بقاؤه شرا لأن جوازه كان للمصلحة مع أنه يتضمن ترك القتال المفروض فإذا صارت المصلحة في نقضه نقض. وعبارة المصنف شاملة لما إذا اعطى الإمام الأمان لمصلحة ثم رأى المصلحة في نقضه ولما إذا أمنهم مسلم بغير إذن الإمام ولا مصلحة فيه، فاقتصار الشارح على الثاني مما لا ينبغي. وإذا فعله الواحد ولا مصلحة فيه أدبه الإمام لانفراده برأيه بخلاف ما إذا كان فيه مصلحة لأنه ربما تفوت بالتأخير فيعذر. وفي البدائع: إن الأمان على وجهين: مطلق وموقت، فالأول ينتقض بأمرين: إما ينقض الإمام وينبغي أن يخبرهم به ثم يقاتلهم خوفا من الغدر، وإما بمجئ أهل الحصن إلى الإمام بالأمان ثم امتناعهم عن الاسلام وقبول الجزية فإنه ينتقض لكن يردهم إلى مأمنهم ثم يقاتلهم احترازا عن التغرير، فإن امتنعوا أن يلحقوا بمأمنهم أجلهم على ما يرى، فإن لم يرجعوا حتى مضى الاجل صاروا ذمة. والثاني ينتهي بمضي الوقت من غير توقف على النقض، ولهم أن يقاتلوهم إلا إذا دخل واحد منهم دار الاسلام فمضى الوقت وهو فيه فهو آمن حتى يرجع إلى مأمنه.
قوله: (وبطل أمان ذمي وأسير وتاجر وعبد ومحجور عن القتال) لأن الذمي لا ولاية له على المسلمين وهو متهم والأسير والتاجر مقهوران تحت أيديهم فلا يخافونهم والأمان يختص بمحل الخوف والعبد المحجور عن القتال لا يخافونه فلا يلاقي الأمان محله بخلاف المأذون في القتال لأن الخوف منه متحقق، وصحح محمد أمانه. قيد بكون الأمان من الذمي لأن الأمير لو أمر الذمي بأن يؤمنهم فأمنهم فهو جائز والمسألة على وجهين: إما أن يقول له قل لهم إن
(١٣٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 132 133 134 135 136 137 138 139 140 141 142 ... » »»
الفهرست