البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٤ - الصفحة ٥٤٥
غالبا وهو رواية عن أبي يوسف لأن الادام من المآدمة وهي الموافقة وكل ما يؤكل مع الخبز موافق له كاللحم والبيض ونحوه. ولهما أن الادام ما يؤكل تبعا والتبعية في الاختلاط حقيقة ليكون قائما به، وفي أن لا يؤكل على الانفراد حكما وتمام الموافقة في الامتزاج أيضا، والخل وغيره من المائعات لا تؤكل وحدها بل تشرب والملح لا يؤكل بانفراده عادة ولأنه يذوب فيكون تبعا بخلاف اللحم وما يضاهيه لأنه يؤكل وحده إلا أن ينويه لما فيه من التشديد.
والعنب والبطيخ ليس بإدام بالاجماع وهو الصحيح. وبهذا ظهر أن تخصيص الزيلعي الادام بالمائع صحيح في الملح أيضا باعتبار أنه يذوب في الفم ويحصل به صبغ الخبز. والاصطباغ افتعال من الصبغ ولما كان ثلاثيه وهو صبغ متعديا إلى واحد جاء الافتعال منه لازما فلا يقال اصطبغ الخبز لأنه لا يصل إلى المفعول حتى يقام مقام الفاعل إذا بنى الفعل له فإنما يقام غيره من الجار والمجرور ونحوه فلذا يقال اصطبغ به. وذكر القلانسي في تهذيبه أن الفتوى على قول محمد للعرف ا ه‍. وفي المحيط: وقول محمد أظهر وبه أخذ الفقيه أبو الليث ا ه‍.
ويكفيه الاستدلال بالعرف الظاهر لأن مبناها عليه فلا حاجة إلى الاستدلال له بالحديث سيد إدامكم اللحم والحكاية هي أن ملك الروم كتب إلى معاوية أن ابعث إلى بشر إدام على يد شر رجل فبعث إليه جبنا على يد رجل يسكن في بيت أصهاره وهو من أهل اللسان لأن كونه سيده لا يستلزم أن يكون منه إذ يقال في الخليفة سيد العجم وليس هو منهم. وأما حكاية معاوية فيتوقف الاستدلال بها على صحتها وهي بعيدة إذ يبعد من إمام عادل أن يتكلف إرسال شخص إلى بلاد الروم ملتزما لمؤنته لغرض مهمل لكافر والسكن في بيت الصهر قط لا يوجب أن يكون الساكن شر رجل فآثار البطلان تلوح على هذه القضية كما في فتح القدير. قال التمرتاشي: وهذا الاختلاف بينهم على عكس اختلافهم فيمن حلف لا يأكل إلا رغيفا فأكل معه البيض ونحوه لم يحنث عندهما، وحنث عند محمد. وإذا أكل الادام وحده فإن كان حلف لا يأكل إداما حنث، وإن كان حلف لا يأتدم بإدام لا يحنث بأكله وحده فلا بد من أن يأكل معه الخبز كما أشار إليه في الكشف الكبير. وفي المحيط: قال محمد: التمر والجوز ليس بإدام لأنه يفرد بالاكل في الغالب فكذا العنب والبطيخ والبقل لأنه لا يؤكل تبعا للخبز بل يؤكل وحده غالبا، وكذلك سائر الفواكه حتى لو كان في موضع يؤكل تبعا للخبز غالبا يكون إداما عنده اعتبارا للعرف ا ه‍. وفي الظهيرية: والبقل ليس بإدام بلا خلاف على الأصح. وفي البدائع: سئل محمد عمن حلف لا يأكل خبزا مأدوما فقال: الخبز المأدوم الذي يثرد ثردا يعني في المرق والخل وما أشبهه فقيل له: فإن ثرد في ماء وملح فلم ير ذلك
(٥٤٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 540 541 542 543 544 545 546 547 548 549 550 ... » »»
الفهرست