البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٤ - الصفحة ٥٥٠
من غصب دراهم إنسان ووقت ما حلفه الخصم عاما نوى خاصا لا تصح نيته من ظاهر المذهب. وقال الخصاف: تصح لكن هذا في القضاء أما فيما بينه وبين الله تعالى نية تخصيص العام صحيحة بالاجماع مذكور في الكتب من مواضع منها الباب الخامس من أيمان الجامع الكبير، وما قاله الخصاف مخلص لمن حلفه ظالم والفتوى على ظاهر المذهب فمتى وقت في يد الظلمة وأخذ بقول الخصاف لا بأس به ا ه‍.
قوله: (لا يشرب من دجلة على الكرع بخلاف ماء دجلة) يعني لو حلف فلا يحنث لو يشرب من دجلة فيمينه على الكرع وهو تناول الماء بالفم من موضعه نهرا أو إناء - كما في المغرب - فلا يحنث لو شرب بإناء أو بيده بخلاف ما لو حلف لا يشرب من ماء دجلة فإنه يحنث بالشرب من إناء أو غيره لأنه بعد الاغتراف بقي منسوبا إليه وهو الشرط. وقالا: هما سواء فيحنث بالشرب من إناء لأنه المتعارف المفهوم - وله أن كلمة من للتبعيض وحقيقته في الكرع وهي مستعملة ولهذا يحنث بالكرع اجماعا فمنعت المصير إلى المجاز وإن كان متعارفا، والتقييد بدجلة اتفاقي لأن الفرات والنيل كذلك بل وكل نهر. وقيد بالنهر لأنه لو حلف لا يشرب من هذا البئر أو من هذا الجب فإنه يحنث بشربه بالاناء اجماعا لأنه لا يمكن فيه الكرع فتعين المجاز، وإن كان يمكن الكرع فعلى الخلاف، ولو تكلف وشرب بالكرع فيما لا يمكن الكرع لا يحنث لأن الحقيقة والمجاز لا يجتمعان وأشار المصنف إلى أنه لو شرب من نهر يأخذ من دجلة لا يحنث في المسألة الأولى لعدم الكرع في دجلة لحدوث النسبة إلى غيره ويحنث في الثانية لأن يمينه انعقدت على شرب ماء منسوب إليها وهي لم تنقطع بمثله ونظيره ما إذا حلف لا يشرب من ماء هذا الجب فحول إلى جب آخر فشرب منه حنث. وفي البدائع: لو حلف لا يشرب من ماء دجلة فهذا وقوله لا أشرب من دجلة سواء لأنه ذكر الشرب من النهر فكان على الاختلاف. ولو حلف لا يشرب من نهر يجري ذلك النهر إلى دجلة فأخذ من دجلة من ذلك الماء فشربه لم يحنث لأنه قد صار من ماء دجلة لزوال الإضافة إلى النهر الأول
(٥٥٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 545 546 547 548 549 550 551 552 553 554 555 ... » »»
الفهرست