البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٤ - الصفحة ٥٥٦
لم تطلق لأن البر هنا لم يتصور فلم تنعقد اليمين فلا يترتب الحنث بمنزلة مسألة الكوز. ومنها قوم حلفهم السلطان على أن يؤدوا اخراج تلك البلدة إلى وقت معلوم فأدى الخراج كله لكن بعضهم بغير أمر الباقين أو أدى الخراج كله رجل واحد غيرهم بغير أمرهم لم يحنثوا في قول أبي حنيفة ومحمد لأنه لما أدى واحد منهم أو غيرهم لم يبق الخراج عليهم فلا يتصور شرط البر فتبطل اليمين عندهما لأنها مؤقتة بوقت، الكل في الواقعات. وقد قدمنا شيئا من مسائل هذا النوع في تعليق الطلاق عند قوله وزوال الملك بعد اليمين لا يبطلها.
قوله: (حلف ليصعدن السماء أو ليقلبن هذا الحجر ذهبا حنث للحال) يعني عندنا وقال زفر: لا تنعقد لأنه مستحيل عادة فأشبه المستحيل حقيقة. ولنا أن البر متصور حقيقة - بكسر الواو - أي ممكن لأن الصعود إلى السماء ممكن حقيقة ألا ترى أن الملائكة يصعدونها، وكذا تحول الحجر ذهبا بتحويل الله تعالى بجعله صفة الحجرية صفة الذهبية أو بإعدام الاجراء الحجرية وإبدالها بأجزاء ذهبية، فالتحويل في الأول أظهر وهو ممكن عند المتكلمين على ما هو الحق، وإذا كان متصورا تنعقد اليمين موجبة لحلفة ثم يحنث بحكم العجز الثابت عادة كما إذا مات الحالف فإنه يحنث مع احتمال إعادة الحياة، وبخلاف مسألة الكوز لأن شرب الماء الذي في الكوز وقت الحلف ولا ماء فيه لا يتصور فلم تنعقد. قيد بكون اليمين مطلقة لأنها لو كانت مؤقتة فإنه لا يحنث حتى يمضي ذلك الوقت حتى لو مات قبله لا كفارة عليه إذ لا
(٥٥٦)
مفاتيح البحث: الموت (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 551 552 553 554 555 556 557 558 559 560 561 ... » »»
الفهرست