البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٤ - الصفحة ٥٤٣
عند أبي يوسف. وقال محمد: هو طعام. ولو حلف لا يشتري طعاما مالا يحنث إلا بشراء الحنطة والدقيق والخبز استحسانا، وفي الواقعات: حلف لا يأكل طعاما فأكل دواء إن كان من الدواء الذي لا يكون له طعم ولا يكون غداء ويكون مرا كريها لا يحنث لأنه لا يسمى طعاما، وإن كان دواء له حلاوة مثل الحلنجبين يحنث لأن له طعما ويكون به غداء. حلف لا يأكل من طعام فلان فأكل من خله بطعام نفسه أو بزيته أو بملحه حنث لأنه أكل من طعامه اه‍. وفي البدائع: حلف لا يأكل طعاما فاضطر إلى أكل ميتة فأكل منها لم يحنث.
قوله: (والرأس ما يباع في مصره) فلو حلف لا يأكل رأسا انصرفت يمينه إلى ما يكبس في التنانير في تلك البلدة وتباع فيها من رؤس الإبل والبقر والغنم وهو المراد بقوله ما يباع في مصره أي من الرؤس غير نئ. وخصه في الجامع الصغير برؤس البقر والغنم عند الإمام، وعندهما بالغنم خاصة وهو اختلاف عصر، وفي زماننا هو خاص بالغنم فوجب على المفتي أن يفتي بما هو المعتاد في كل مصر وقع فيه حلف الحالف كما أفاده في المختصر.
وما في التبيين من أن الأصل اعتبار الحقيقة اللغوية إن أمكن العمل بها وإلا فالعرف إلى آخره مردود لأن الاعتبار إنما هو للعرف، وتقدم أن الفتوى على أنه لا يحنث بأكل لحم الخنزير والآدمي ولذا قال في فتح القدير: ولو كان هذا الأصل المذكور منظورا إليه لما تجاسر أحد على خلافه في الفروع ا ه‍. وفي البدائع: والاعتماد إنما هو على العرف وبما ذكرناه اندفع ما ذكره الأسبيجابي أنه في الاكل يقع على الكل إذا أكل ما يسمى رأسا، وفي الشراء يقع على رأس البقر والغنم عنده، وعندهما على الغنم خاصة، ولا يقع على رأس الإبل بالاجماع لما علمت أنه في الاكل خاص بما يباع في مصره. وفي المغرب: يكبس في التنور يطم به التنور أو يدخل فيه من كبس الرجل رأسه في قميصه إذا أدخله قوله: (والفاكهة التفاح والبطيخ والمشمش لا العنب والرمان والرطب والقثاء والخيار) وهذا عند أبي حنيفة. وقالا: يحنث في الرمان والعنب والرطب أيضا، والأصل أن الفاكهة اسم لما يتفكه به قبل الطعام وبعده أي يتنعم به زيادة على المعتاد، والرطب واليابس فيه سواء بعد أن يكون التفكه به معتادا حتى لا يحنث بيابس البطيخ وهذا المعنى موجود في التفاح وأخواتها فيحنث بها وغير موجود في القثاء والخيار لأنهما من البقول بيعا وأكلا فلا يحنث بهما. وأما العنب والرطب والرمان فهما يقولان معنى التفكه موجود فيهما فإنها أعز الفواكه والتنعم بها يفوق التنعم بغيرها، وأبو حنيفة يقول إن هذه الأشياء مما يتغذى بها ويتداوى بها فأوجب قصورا في معنى التفكه للاستعمال في حالة البقاء، ولهذا كان اليابس منها من التوابل أو من الأقوات. وذكر في الكشف الكبير أن هذا اختلاف عصر وزمان فأبو حنيفة أفتى على حسب عرفه وتغير العرف في زمانهما وفي عرفنا ينبغي أن يحنث بالاتفاق ا ه‍. وفي الظهيرية قال محمد في الأصل:
(٥٤٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 538 539 540 541 542 543 544 545 546 547 548 ... » »»
الفهرست