البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٤ - الصفحة ٥٤٩
لأنه لو نوى الكل صدق قضاء وديانة ولا يحنث أصلا لما في المحيط: لو حلف لا يأكل طعاما أو لا يشرب شرابا وعنى جميع الأطعمة أو جميع مياه العالم يصدق في القضاء. وفي البدائع: لو قال والله لا آكل الطعام أو لا أشرب الماء أو لا أتزوج النساء فيمينه على بعض الجنس، وإن أراد به الجنس صدق لأنه نوى ما هو حقيقة كلامه. وفي الكشف الكبير: إذا قال والله لا أشرب ماء أو الماء أو لا آكل طعاما أو الطعام أنه يقع على الأدنى لأنه هو المتيقن وهو الكل لولا غيره فيكون فيه معنى الجنسية أيضا، فإن نوى الكل صحت نيته فيما بينه وبين الله تعالى حتى لا يحنث أصلا لأنه نوى محتمل كلامه لأنه فرد من حيث أنه اسم جنس لكنه عدد من وجه فلم يتناوله الفرد إلا بالنية، كذا في شرح الجامع لفخر الاسلام. وهذا يشير إلى أنه لا يصدق قضاء إن كان اليمين بطلاق أو نحوه لأنه خلاف لظاهر إذ الانسان إنما يمنع نفسه باليمين عما يقدر عليه وشرب كل المياه ليس في وسعه وفيه تخفيف عليه أيضا.
وقال شمس الأئمة: قالوا وإطلاق الجواب دليل على أنه يصدق قضاء وديانة إن كان اليمين بطلاق ونحوه لأنه نوى حقيقة كلامه. وعن أبي القاسم الصفار أنه لا يصدق قضاء لأنه نوى حقيقة لا تثبت إلا بالنية فصار كأنه نوى المجاز ا ه‍. ثم اعلم أن الفرق بين الديانة والقضاء إنما يظهر في الطلاق والعتاق، وأما في الحلف بالله تعالى فلا يظهر لأن الكفارة حق الله ليس للعبد فيها حق حتى يرفع الحالف إلى القاضي. وفي الواقعات: إذا استحلف الرجل بالله وهو مظلوم فاليمين على ما نوى، وإن كان ظالما فاليمين على نية من استحلفه وبه أخذ أبو حنيفة ومحمد. وفي اليمين بالطلاق اليمين على نية الحالف وفي الولوالجية من الطلاق: نية تخصيص العام لا تصح. وعند الخصاف تصح حتى إن من حلف وقال كل امرأة أتزوجها فهي طالق ثم قال نويت به من بلدة كذا لا تصح نيته في ظاهر المذهب. وقال الخصاف: تصح. وكذا
(٥٤٩)
مفاتيح البحث: التصديق (2)، الطعام (3)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 544 545 546 547 548 549 550 551 552 553 554 ... » »»
الفهرست