البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٤ - الصفحة ٥٢٧
في ذاته بالاعدام مع الإرادة. وأشار المصنف بقوله شرط أنه لو نوى الاذن مرة واحدة لم يصدق قضاء وعليه الفتوى كما في الولوالجية، لكنه يصدق ديانة لأنه نوى محتمل كلامه فيستعار بمعنى حتى لكنه خلاف الظاهر فلا يصدقه القاضي بخلاف ما إذا نوى التعدد في المسألة الثانية حيث يصدق قضاء لأنه محتمل كلامه وفيه تشديد على نفسه. ومثل قوله إلا بإذن بغير إذني فيشترط لكل خروج إذن لأن المعنى فيهما واحد مع وجود الباء، والرضا والامر والعلم كالاذن فيما ذكرنا، كذلك إن خرجت إلا بقناع أو بملحفة. ولو قال لها أذنت لك في الخروج كلما أردت فخرجت مرة بعد أخرى لا يحنث فإن نهاها عن الخروج بعد ذلك صح النهي وهذا قول محمد وبه أخذ الشيخ الإمام أبو بكر محمد بن الفضل. ولو أذن لها في الخروج ثم قال لها كلما نهيتك فقد أذنت لك فنهاها لا يصح نهيه إياها، ولو أذن لها بالعربية ولا عهد لها بالعربية فخرجت حنث كما لو أذن لها وهي نائمة أو غائبة لم تسمع فخرجت حنث. وقال بعضهم: هذا قول أبي حنيفة ومحمد. أما على قول أبي يوسف وزفر يكون إذنا.
وقال بعضهم: الاذن يصح بدون العلم والسماع في قولهم وإنما الخلاف بينهم في الامر على قول أبي حنيفة ومحمد لا يثبت الامر بدون العلم والسماع. والصحيح أن على قولهما لا يكون الاذن إلا بالسماع لأن الاذن إيقاع الخبر في الاذن وذلك لا يكون إلا بالسماع، وأجمعوا أن إذن العبد في التجارة لا يكون إلا بالسماع. ولو كنست البيت هذه المرأة فخرجت إلى باب الدار لكنس الباب حنث لأنها خرجت بغير إذنه، ولو أذن لها في الخروج إلى بعض أهلها فلم تخرج ثم خرجت في وقت آخر إلى بعض أهلها. قال الفقيه أبو الليث: أخاف أن يحنث، ولو أن المرأة سمعت سائلا يسأل شيئا بعد ما منعها زوجها عن الخروج إلا بإذنه فقال لها الزوج ادفعي هذه الكسرة إليه، فإن كان السائل بحيث لا تقدر المرأة على الدفع إليه إلا بالخروج فخرجت لا يحنث وإلا فيحنث. ولو قالت لزوجها تريد أن أخرج حتى أصير مطلقة فقال الزوج نعم فخرجت طلقت لأن كلام الزوج هذا للتهديد لا للاذن، ولو قال لها أخرجي أما والله لو خرجت ليخزينك الله تعالى ونحو ذلك قال محمد: لا يكون إذنا. وكذا لو غضبت المرأة وتأهبت للخروج فقال الزوج دعوها تخرج لم يكن إذنا إلا أن ينوي الاذن.
وكذا لو قال الزوج في غضبه أخرجي ينوي التهديد والتوعيد يعني أخرجي حتى تطلقي لم يكن ذلك إذنا. ولو قال لامرأته إن خرجت من هذه الدار فأنت طالق فخرجت قبل أن يقول الزوج طالق لم يحنث حتى تخرج مرة أخرى إلا أن يكون ابتداء اليمين مخاشنة كانت بينهما في الخروج فمتى كانت كذلك لا يحنث، وإن خرجت بعد ذلك لأن اليمين كانت على الخروج الأول، الكل من الظهيرية.
وفي المبتغى بالغين المعجمة: وفي قوله لها إن خرجت من الدار إلا بإذني فأنت طالق لا يحنث بخروجها الوقوع غرق أو حرق غالب فيها وكذا في القنية ا ه‍. وفي القنية: لو
(٥٢٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 522 523 524 525 526 527 528 529 530 531 532 ... » »»
الفهرست