البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٤ - الصفحة ٥١٦
الحنث يحصل ببقاء أحدهما من غير توقف عليهما، فلو قال نويت التحول ببدني خاصة لم يصدق في القضاء ويدين كما في البدائع. وأفاد أنه لا بد من نقل جميع الأهل والمتاع وهو في الأصل بالاجماع. والمراد بالأهل زوجته وأولاده الذين معه وكل من كان يأويه لخدمته والقيام بأمره كما في البدائع. وأما في الأمتعة ففيه اختلاف فقال الإمام: المتاع كالأهل حتى لو بقي وتد حنث لأن السكنى تثبت بالكل فتبقى ببقاء شئ منه وقد صار هذا أصلا للإمام حتى لو بقي صفة السكون في العصير يمنع من صيرورته خمرا وبقاء مسلم واحد في دار ارتد أهلها يمنع من صيرورتها دار حرب، ولا يرد عليه أن الشئ ينتفي بانتفاء جزئه كالعشرة تنتفي بانتفاء الواحد لأن ذلك في الاجزاء، أما في الافراد فلا كالرجال لا ينتفي بانتفاء واحد.
والفرق بين الفرد والجزء أنه إن صدق اسم الكل على كل واحد فالآحاد أفراد وإلا فأجزاء كما عرف من بحث العام في الأصول. وقال أبو يوسف: يعتبر نقل الأكثر لتعذر نقل الكل في بعض الأوقات. وقال محمد: يعتبر نقل ما تقوم به السكنى لأن ما راءه ليس من السكنى.
وقد اختلف الترجيح فالفقيه أبو الليث في شرح الجامع الصغير قول الإمام وأخذ به كما في غاية البيان، والمشايخ استثنوا منه ما لا تتأتى به السكنى كقطعة حصير ووتد كما ذكره في التبيين وغيره. ورجح في الهداية قول محمد بأنه أحسن وأرفق بالناس، ومنهم من صرح بأن الفتوى عليه كما في فتح القدير، وصرح كثير كصاحب المحيط والفوائد الظهيرية والكافي بأن الفتوى على قول أبي يوسف فقد اختلف الترجيح كما ترى، والافتاء بمذهب الإمام لأنه أحوط وإن كان غيره أرفق. ويتفرق على كون السكنى تبقى ببقاء اليسير من المتاع عنده أنه لو انتقل المودع وترك الوديعة لا غير في المنزل المنتقل عنه لا يضمن. وعندهما يضمن بكل حال، ذكره البزازي في فتاواه من كتاب الإجارة من فصل الخياط والنساج. وفي المحيط: لو حلف لا يسكن دار فلان هذه فسكن منزلا منها حنث لأن الدار هكذا تسكن عادة، فإن عنى أن لا يسكنها كلها لا يحنث حتى يسكنها كلها لأن الدار حقيقة اسم للجميع فقد نوى الحقيقة، وظاهر كلام الصنف أنه لو نقل أهله ومتاعه منها فإنه يبر سواء سكن في منزل آخر أو لا، وفيه اختلاف ففي الهداية: وينبغي أن ينتقل إلى منزل آخر بلا تأخير حتى يبر فإن انتقل إلى السكة أو إلى المسجد قالوا لا يبر دليله في الزيادات أن من خرج بعياله من مصره فلم يتخذ وطنا آخر يبقى وطنه الأول في حق الصلاة كذا هذا ا ه‍. وفي فتح القدير:
(٥١٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 511 512 513 514 515 516 517 518 519 520 521 ... » »»
الفهرست