البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٤ - الصفحة ٥٢٩
وإلى أنه لو قال عبدي حر إن دخلت هذه الدار دخلة إلا أن يأمرني فلان فأمره فلان مرة واحدة فإنه لا يحنث وقد سقطت اليمين بخلاف ما إذا قال إلا أن يأمرني بها فلان بزيادة بها فأمره فدخل ثم دخل بعد ذلك بغير أمره فإنه يحنث. ولا بد من الامر في كل دخلة كقوله إلا بأمر فلان كالمسألة الأولى كما في البدائع أيضا. وفي الظهيرية. قال لامرأته إن دخلت من هذه الدار إلا لأمر لا بد منه فأنت طالق وللمرأة حق على رجل فأرادت أن تدعي ذلك وخرجت لأجله قالوا: إن كانت تقدر على أن توكل بذلك حنث الحالف، وإن لم تقدر على أن توكل لا يحنث. ولو حلف أن لا تخرج امرأته إلا بعلمه فخرجت وهو يراها فمنعها لم يحنث، ولو أذن لها بالخروج فخرجت بغير علمه لا يحنث، وإن لم يأذن لها فخرجت وهو يراها لا يحنث أيضا اه‍. ثم انعقاد اليمين على الاذن في قوله إن خرجت إلا بإذني فأنت طالق أو والله لا تخرجين إلا بإذني مقيد ببقاء النكاح لأن الاذن إنما يصح ممن له المنع، فلو أبانها ثم تزوجها فخرجت بلا إذن لم يحنث وإن كان زوال الملك لا يبطل اليمين عندنا لأنها لم تنعقد إلا على مدة بقاء النكاح. وكذا في العبد يشترط بقاء ملك المولى وسيأتي بيان أيضا في قوله حلف ليعلمنه بكل داعر دخل البلدة تقيد بقيام ولايته، وهذا بخلاف ما إذا حلف لا تخرج امرأته من هذه الدار ولا عبده فبانت منه أو خرج العبد عن ملكه ثم خرج فإنه يحنث، ولا يتقيد بحال قيام الزوجية والملك لانعدام دلالة التقييد وهي قوله إلا بإذنه فيعمل بعموم اللفظ، فإن عني به ما دامت امرأته دين فيما بينه وبين الله تعالى، ولا يدين في القضاء لأنه خلاف الظاهر. وكذلك من طولب بحق فحلف أن لا يخرج من دار مطالبه حنث بالخروج زال ذلك الحق أو لم يزل لما قلنا، كذا في البدائع. وفي المحيط: رجل حلفه ثلاثة رجال أنه لا يخرج من بخاري إلا بإذنهم فجن أحدهم قال لا يخرج، وإن مات أحد الثلاثة فخرج لم يحنث لأنه ذهب الاذن الذي وقعت عليه اليمين. ولو قال إلا بإذن فلان فمات المحلوف عليه بطلت اليمين عندهما خلافا لأبي يوسف بناء على أن فوات المعقود عليه يمنع بقاء اليمين عندهما، وعنده لا يمنع اه‍ قوله: (ولو أرادت الخروج فقال أن خرجت أو ضرب العبد فقال إن ضربت تقيد به كاجلس فتغد عندي فقال أن تغديت) بيان ليمين الفور مأخوذ من فور القدر إذا غلت، واستعير للسرعة ثم سميت بها الحال التي لا ريث فيها فقيل جاء فلان من فوره أي من ساعته. وسميت هذه اليمين به باعتبار فوران الغضب. انفرد أبو حنيفة بإظهارها وكانت اليمين في عرفهم قسمين: مؤبدة وهي أن يحلف مطلقا، ومؤقتة وهي أن يحلف أن لا يفعل كذا اليوم أو هذا الشهر فأخرج أبو حنيفة يمين الفور. قال في المحيط: ولم يسبقه أحد في
(٥٢٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 524 525 526 527 528 529 530 531 532 533 534 ... » »»
الفهرست