البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٤ - الصفحة ٥٢٥
المطلقة لا يحنث ما دام الحالف والمحلوف عليه قائمين لتصور البر، فإذا فات أحدهما فإنه يحنث ا ه‍. وبهذا ظهر أن الضمير في قوله حتى مات يعود إلى أحدهما أيهما كان، سواء كان الحالف أو المحلوف عليه، لا أنه خاص بالحالف كما هو المتبادر من العبارة. وقيد باليمين المطلقة لأنها لو كانت مقيدة كقوله إن لم أدخل هذه الدار اليوم فعبده حر فإن الحنث معلق بآخر الوقت حتى إذا مات الحالف قبل خروج الوقت ولم يدخل الدار لا يحنث، وأما إذا مضى الوقت قبل دخوله وهو حي عتق العبد، كذا في غاية البيان. ثم اعلم أن اليمين المطلقة لا تكون على الفور إلا بقرينة ففي الظهيرية في الفصل السابع: ولو حلف إن رأى فلانا ليضربنه فالرؤية على القريب والبعيد والضرب متى شاء إلا أن يعني الفور. وفي فتاوى أبي الليث: رجل أراد أن يواقع امرأته وكانت امرأته على باب الدار فقال لها إن لم تدخلي معي في الدار فأنت طالق فدخلت بعد ما سكنت شهوته وقع الطلاق عليها، وإن دخلت قبل ذلك لم تطلق: وفي الفصل الخامس: حلف ليضربن غلامه في كل حق وباطل وليس له نية فهو على أن يضربه كل ما شكى إليه بحق أو باطل ولا يكون يمينه على فور الشكاية ما لم ينو ذلك ا ه‍. وسيأتي تمام مسائل الفور إن شاء الله تعالى قريبا قوله: (ليأتينه إن استطاع فهي استطاعة الصحة) لأنها المرادة في العرف وهي سلامة الآلات وصحة الأسباب. وفسرها محمد رحمه الله بقوله: إذا لم يمرض ولم يمنعه السلطان ولم يجئ أمر لا يقدر على إتيانه فلم يأته حنث ا ه‍. فعلى هذا المراد بسلامة الآلات صحة الجوارح فالمريض ليس بمستطيع، والمراد بصحة الأسباب تهيئة لإرادة الفعل على وجه الاختيار فخرج الممنوع ولذا ذكر في الاختيار أنها سلامة الآلات ورفع الموانع. وفي المبسوط: الاستطاعة رفع الموانع ا ه‍. فينبغي أنه إذا نسي اليمين سلامة الآلات ورفع الموانع. في المبسوط: الاستطاعة رفع الموانع ا ه‍. فينبغي أنه إذا نسي اليمين لا يحنث لأن النسيان مانع، وكذا الوجن فلم يأته حتى مضى الغد كما لا يخفى ولذا قال في غاية البيان: وحدها التهيؤ لتقييد الفعل على إرادة المختار قوله: (وإن نوى القدرة دين) أي صدق فيما بينه وبين الله تعالى لأن حقيقتها فيما يقارن الفعل. ويطلق الاسم على سلامة الآلات وصحة الأسباب في المتعارف فعند الاطلاق ينصرف إليه، وتصح نية
(٥٢٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 520 521 522 523 524 525 526 527 528 529 530 ... » »»
الفهرست