البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٤ - الصفحة ٥٢٨
حلف لا يشرب خمرا بغير إذنها فأذنت له أن يشربها في دار كذا فشربها في غيرها حنث ا ه‍.
وفي باب آخر منها: إن دفعت شيئا بغير إذني فأنت طالق فدفعت من مال نفسها بغير إذنه لم يقع ا ه‍. وينبغي أن ينظر إلى السبب الداعي إلى اليمين كما لا يخفى. ثم اعلم أن في المسألة الأولى إذا كانت اليمين بالطلاق ثم خرجت بغير إذن ووقع الطلاق ثم خرجت مرة ثانية بغير إذن لا يقع شئ لانحلال اليمين بوجود الشرط، وليس فيها ما يدل على التكرار كما في الظهيرية. ولو أذن لها أن تخرج في المسألة الأولى عشرة أيام فدخلت وخرجت مرارا في العشرة لا يحنث. ولا فرق في المسألة الأولى بين أن يكون المخاطب الزوجة أو العبد حتى لو قال المولى لعبده إن خرجت من هذه الدار إلا بإذني فأنت حر فإنه يشترط لكل خروج إذن، فلو قال له أطع فلانا في جميع ما يأمرك به فأمره فلان بالخروج فخرج فالمولى حانث لوجود شرط الحنث وهو الخروج من غير إذن المولى لأن المولى لم يأذن له بالخروج وإنما أمره بطاعة فلان. وكذلك لو قال المولى لرجل ائذن له في الخروج فأذن له الرجل فخرج لأنه لم يأذن له بالخروج وإنما أمر فلانا بالاذن، وكذلك لو قال له قل يا فلان مولاك قد أذن لك في الخروج فقال له فخرج فإن المولى حانث لأنه لم يأذن له وإنما أمر فلانا بكذب، ولو قال المولى لعبده بعد يمينه ما أمرك به فلان فقد أمرتك به فلان فقد أمرتك به فأمره الرجل بالخروج فخرج فالمولى حانث لأن مقصود المولى من هذا أن لا يخرج إلى برضاه، فإذا قال ما أمرك به فهو لا يعلم أن فلانا يأمره بالخروج والرضا بالشئ بدون العلم به لا يتصور فلم يعلم كون هذا الخروج مرضيا به فلم يعلم كونه مستثنى فبقي تحت المستثنى منه. ولو قال المولى للرجل قد أذنت له في الخروج فأخبر الرجل به العبد لم يحنث المولى. ولو قال لامرأته إن خرجت إلا بإذني ثم قال لها إن بعت خادمك فقد أذنت لك لم يكن منه هذا إذنا لأنه مخاطرة، كذا في البدائع: وقيد بالزوجة والعبد لأنه لو قال لا أكلم فلانا إلا يأذن فلان أو حتى يأذن أو إلا أن يأذن أو إلا أن يقدم فلان أو حتى يقدم. أو قال الرجل في داره والله لا تخرج إلا بإذني فإنه لا يتكرر الاذن في هذا كله لأن قدوم فلان لا يتكرر عادة والاذن في الكلام يتناول كلما يوجد من الكلام بعد الاذن. وكذا خروج الرجل مما لا يتكرر عادة بخلاف الاذن للزوجة فإنه لا يتناول إلا ذلك الخروج المأذون فيه لا كل خروج إلا بنص صريح فيه مثل أذنت لك أن تخرجي كلما أردت الخروج ونحوه، فكان الاقتصار في هذا الوجود الصارف عن التكرار لا لأن العرف في الكل على التفصيل المذكور، كذا في فتح القدير.
وأشار المصنف بالمسألة الثانية إلى أنه لو قال عبده حر إن دخل هذه الدار إلا أن ينسى فدخلها ناسيا ثم دخل بعد ذلك ذاكرا لم يحنث بخلاف ما إذا قال إن دخل هذه الدار إلا ناسيا فدخلها ناسيا ثم دخلها ذاكرا فإنه يحنث لأنه استثنى من كل دخول دخولا بصفة فبقي ما سواه داخلا تحت اليمين بخلاف الأول فإنه بمعنى حتى فلما دخلها ناسيا انتهت اليمين،
(٥٢٨)
مفاتيح البحث: الزوجة (1)، السب (1)، النسيان (3)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 523 524 525 526 527 528 529 530 531 532 533 ... » »»
الفهرست