البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٤ - الصفحة ٥٣٠
تسميتها ولا في حكمها ولا خالفه أحد فيه بعد ذلك فإن الناس كلهم عيال أبي حنيفة في هذا اه‍. بل الناس عيال أبي حنيفة في الفقه كله وهي يمين مؤبدة لفظا مؤقتة معنى تتقيد بالحال أو تكون بناء على أمر حالي، فمن الثاني امرأة تهيأت للخروج فحلف لا تخرج فإذا جلست ساعة ثم خرجت لا يحنث لأن قصده أن يمنعها من الخروج الذي تهيأت له فكأنه قال إن خرجت أي الساعة. ومنه من أراد أن يضرب عبده فحلف عليه لا يضربه فإذا تركه ساعة بحيث يذهب فور ذلك ثم ضربه لا يحنث لذلك بعينه. ومن الأول اجلس فتغد عندي فيقول إن تغديت فعبدي حر تقيد بالحال، فإذا تغدى في يومه في منزله لا يحنث لأنه يمين وقع جوابا تضمن إعادة ما في السؤال والمسؤول الغد الحالي فينصرف الحلف إلى الغداء الحالي لتقع المطابقة، وهذا كله عند عدم نية الحالف. وقيد بكونه قال إن تغديت ولم يزد عليه لأنه لو زاد بأن قال إن تغديت اليوم أو معك فعبدي حر فتغدي في بيته أو معه في وقت آخر فإنه يحنث لأنه زاد على حرف الجواب فيكون مبتدأ أو لا يقال إن موسى عليه السلام زاد في الجواب حين سئل عن العصا ولم يكن مبتدأ لأنا نقول: لما سئل بما وهي تقع على ذات ما لا يعقل والصفات فاشتبه عليه الحال فأجاب بهما حتى يكون مجيبا عن أيهما كان. وأشار المصنف إلى أنه لو قال لامرأته عند خروجها من المنزل إن رجعت إلى منزلي فأنت طالق ثلاثا ثم جلست فلم تخرج زمانا ثم خرجت ورجعت والرجل يقول نويت الفور فالظاهر أنه يصدق لأنه لو قال إن خرجت ولا نية له ينصرف إلى هذه الخرجة فكذا إذا قال إن رجعت ونوى الرجوع بعد هذه الخرجة كان أولى أن ينصرف إلى الرجوع عن هذه الخرجة، كذا في المحيط.
ثم اعلم أن التقييد تارة يثبت صريحا وتارة يثبت دلالة، والدلالة نوعان: دلالة لفظية ودلالة حالية، فدلالة اللفظ نحو ما إذا حلف لا يدخل على فلان تقيد بحال حياة المحلوف عليه، والدلالة الحالية كما في الكتاب. وفي المحيط: أصله أن الحالف متى أعقب الفعل فعلا بحرف العطف وهو الفاء والواو فإن كان الفعل الثاني في العادة يفعل على فور الأول ولم يفعل حنث، وإن لم يكن يفعل على فور الأول لا يحنث ما لم يمت، وإن ذكر الفعل الثاني بحرف الشرط أو التراخي وهو حرف ثم فهو على الأبد لأن المشروط لا يتحقق إلا بعد وجود الشرط وكلمة ثم على التراخي، فلو قال إن ضربتني فلم أضربك أو لقيتك فلم أسلم عليك وإن كلمتني فلم أجبك فهو على الفور باعتبار العادة، وكذا لو قال إن استعرت
(٥٣٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 525 526 527 528 529 530 531 532 533 534 535 ... » »»
الفهرست