البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٤ - الصفحة ٥٢٦
الأول ديانة لأنه حقيقة كلامه. وظاهر كلامه أنه لا يصدق قضاء لأنه خلاف الظاهر، وقيل يصدق قضاء أيضا لأنه نوى حقيقة كلامه وإذا صدق لا يتصور حنثه أبدا لأنها لا تسبق الفعل. ورجح في فتح القدير الأول بأنه أوجه لأنه وإن كان مشتركا بينهما لكن تعورف استعماله عند الاطلاق عن القرينة لاحد المعنيين بخصوصه وهو سلامة آلات الفعل وصحة أسبابه فصار ظاهرا فيه بخصوصه فلا يصدقه القاضي في خلاف الظاهر ا ه‍. وقد أظهر الزاهدي في المجتبى اعتزاله في هذا المحل كما أظهره في القنية في موضعين من ألفاظ التكفير عبارته في المجتبى قلت: وفي قوله حقيقة الاستطاعة فيما يقارن الفعل نظر قوي لأنه بناه على مذهب الأشعرية والسنية أن القدرة تقارن الفعل وأنه باطل إذا لو كان كذلك لما كان فرعون وهامان وسائر الكفرة الذين ماتوا على الكفر قادرين على الايمان وكان تكليفهم بالايمان تكليفا بما لا يطاق، وكان إرسال الرسل والأنبياء وإنزال الكتب والأوامر والنواهي والوعد والوعيد ضائعة في حقهم ا ه‍. وهو غلط لأن التكليف ليس مشروطا بهذه القدرة حتى يلزم ما ذكره وإنما هو مشروط بالقدرة الظاهرة وهي سلامة الآلات وصحة الأسباب كما عرف في الأصول.
قوله: (لا تخرجي إلا بإذني شرط لكل خروج إذن بخلاف إلا أن وحتى) أي بخلاف لا تخرجي إلا أن آذن لك أو حتى أن آذن لك فأذن لها مرة انتهت اليمين حتى لو خرجت بإذنه ثم خرجت بعده بغير إذنه لا يحنث. والفرق في الأول أن المستثنى خروج مقرون بالاذن لأنه مفرغ للمتعلق فصار المعنى إلا خروجا ملصقا به فما لم يكن ملصقا بالاذن فهو داخل في اليمين لعموم النكرة فيحنث به، وفي الثاني الاذن غاية، أما في حتى فظاهر، وأما في إلا أن فتجوز ب‍ " إلا فيها لتعذر استثناء الاذن من الخروج وبالمرة يتحقق فينتهي المحلوف عليه.
وأما لزوم تكرار الاذن في دخول بيوته عليه السلام مع تلك الصيغة * (إلا أن يؤذن لكم) * [الأحزاب: 35] فبدليل خارجي وهو تعليله بالأذى * (إن ذلكم كان يؤذي النبي) * [الأحزاب: 35] وتمامه في الأصول في بحث الباء. ولا يرد أن لا أن آذن بمعنى إلا بإذني لأن إن والفعل في تأويل المصدر ولا بد من تقدير الباء والآصار المعنى إلا خروجا إذني فصار كالمسألة الأولى لأنه يلزم أحد الامرين. أما ما ذكر من تقدير الباء محذوفة أو ما قلنا من جعلها بمعنى حتى مجازا أي حتى آذن لك. وعلى الأول يكون كالأول، وعلى الثاني ينعقد على إذن واحد، وإذا لزم في إلا أن أحد المجازين وجب الراجح منهما، ومجاز غير الحذف أولى من مجاز الحذف عندهم لأنه تصرف في وصف نفس اللفظ ومجاز الحذف تصرف
(٥٢٦)
مفاتيح البحث: التصديق (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 521 522 523 524 525 526 527 528 529 530 531 ... » »»
الفهرست