البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٤ - الصفحة ٣٨٨
أن يكفر به إذا قصد تعظيمه، وقدمنا أن أنواعه أربعة: فرض ومندوب ومباح ومعصية. وفي المحيط أن الاعتاق قد يقع مباحا لا قربة بأن أعتق من غير نية أو أعتق لوجه فلان، وقد يقع معصية بأن أعتقه لوجه الشيطان اه‍. ففرق بين الاعتاق لآدمي وبين الاعتاق للشيطان وعلل حرمة الاعتاق للشيطان بأنه قصد تعظيمه، وكذا العتق بلا نية مباح كما في التبيين. وذكر في فتح القدير أن من الاعتاق المحرم إذا غلب على ظنه أنه إن أعتقه يذهب إلى دار الحرب أو يرتد أو يخاف منه السرقة وقطع الطريق وينفذ عتقه مع تحريمه خلافا للظاهرية. هذا وفي عتق العبد الذمي ما لم يخف ما ذكرنا أجر لتمكينه من النظر في الآيات والاشتغال بما يزيل الشبهة عنه، وأما ما عن مالك أنه إذا كان أغلى ثمنا من العبد المسلم يكون عتقه أفضل من عتق المسلم لقوله عليه السلام أفضلها أغلاها - بالمهملة والمعجمة - فبعيد عن الصواب ويجب تقييده بالأعلى من المسلمين لأنه تمكين المسلم من مقاصده وتفريغه. وأما ما يقال في عتق الكافر مما ذكرنا فهو احتمال يقابله ظاهر، فإن الظاهر رسوخ الاعتقادات والفها فلا يرجع عنه، وكذا نشاهد الأحرار بالأصالة منهم لا يزدادون إلا ارتباط بقاء يدهم فضلا عمن عرضت حريته. نعم الوجه الظاهر في استحباب عتقه تحصيل الجزية منه للمسلمين، وأما تفريغه للتأمل فيسلم فهو احتمال والله سبحانه وتعالى أعلم اه‍. وأراد بوجه الله رضاه مجازا والوجه في اللغة يجئ على معان، يقال وجه الانسان وغيره وهو معروف، ووجه النهار أوله، ووجه الكلام السبيل التي تقصدها به، ووجوه القوم ساداتهم، وصرفت الشئ على وجهه أي على سننه. والشيطان واحد شياطين الانسان والجن بمعنى مردتهم، والنون أصليه إن كان من شطن أي بعد عن الخير، وزائدة إن كان من شاط يشيط أي هلك. وأما الصنم فهو صورة الانسان من خشب أو ذهب أو فضة فإن كان من حجر فهو وثن، كذا في غاية البيان. قوله: (وبكره وسكر) أي يصح العتق مع الاكراه والسكر لصدور الركن من الأهل في المحل. والاكراه حمل الغير على ما لا يرضاه. وأطلقه فشمل الملجئ وهو ما يفوت النفس أو العضو وغير الملجئ، وأما السكر فأطلقه أيضا وهو مقيد بما كان من محرم أو
(٣٨٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 383 384 385 386 387 388 389 390 391 392 393 ... » »»
الفهرست