البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٤ - الصفحة ٣٧٤
دار الحرب فإن الحربي إذا اشترى عبدا مسلما فدخل به إلى دار الحرب ولم يشعر عتق عند أبي حنيفة، وكذا زوال يده عنه بأن هرب عن مولاه الحربي إلى دار الاسلام، وقد يكون اللفظ المذكور. وأما سببه الباعث ففي الواجب تفريغ ذمته وفي غيره قصد التقرب إلى الله تعالى عز وجل. وأنواعه أربعة: واجب ومندوب ومباح ومحظور. فالواجب الاعتاق في كفارة القتل والظهار واليمين والافطار إلا أنه في باب القتل والظهار والافطار واجب على التعيين عند القدرة عليه، وفي باب اليمين واجب على التخيير. والمندوب الاعتاق لوجه الله تعالى من غير إيجاب لأن الشرع ندب إلى ذلك للحديث أيما مؤمن أعتق مؤمنا في الدنيا أعتق الله بكل عضو منه عضوا منه من النار ولهذا استحبوا أن يعتق الرجل العبد والمرأة الأمة ليتحقق مقابلة الأعضاء بالأعضاء لكنه ليس بعبادة حتى يصح من الكافر. وأما المباح فهو الاعتاق من غير نية. وأما المحظور فهو الاعتاق لوجه الشيطان وسيأتي تمامه، وسيأتي بيان شرائطه وحكمه زوال الملك أو ثبوت العتق على الاختلاف.
قوله: (هو إثبات القوة الشرعية للمملوك) أي الاعتاق شرعا. والقوة الشرعية هي قدرته على التصرفات الشرعية وأهليته للولايات والشهادات ودفع تصرف الغير عليه.
وحاصله أنه إزالة الضعف الحكمي الذي هو الرق الذي هو أثر الكفر. وفي المحيط:
ويستحب للعبد أن يكتب للعتق كتابا ويشهد عليه شهودا توثيقا وصيانة عن التجاحد والتنازع فيه كما في المداينة بخلاف سائر التجارات لأنه ما يكثر وقوعها فالكتابة فيها تؤدي إلى الحرج ولا كذلك العتق. قوله: (ويصح من حر مكلف لمملوكه بانت حر أو بما يعبر به عن البدن وعتيق ومعتق ومحرر وحررتك وأعتقتك نواه أو لا) بيان لشرائطه وصريحه وحكم الصريح.
أما شرائطه فذكر المصنف أنها ثلاثة: الأول منها لا حاجة إليه مع ذكر الملك لأن الحرية للاحتراز عن إعتاق غير الحر وهو ليس بمالك كما سنبينه. واحترز بالمكلف عن عتق الصبي فإنه لا يصح وإن كان عاقلا كما لا يصح طلاقه، وعن عتق المجنون فإنه لا يصح، وأما الذي يجن ويفيق فهو في حالة إفاقته عاقل وفي حالة جنونه مجنون. وخرج المعتوه أيضا والمدهوش والمبرسم والمغمى عليه والنائم فلا يصح إعتاقهم كما لا يصح طلاقهم. ولو قال أعتقت وأنا صبي أو وأنا نائم كان القول قوله، وكذا لو قال أعتقته وأنا مجنون بشرط أن يعلم جنونه، أو قال وأنا حربي في دار الحرب وقد علم ذلك لأنه لما أضافه إلى زمان لا يتصور منه الاعتاق علم أنه أراد صيغة الاعتاق ولا حقيقته فلم يصر معترفا بالاعتاق كما لو قال أعتقته
(٣٧٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 369 370 371 372 373 374 375 376 377 378 379 ... » »»
الفهرست