البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٤ - الصفحة ١٧٦
في عدم ما نعيته لا يتوقف على كونه بحيث لا يمكن إقامة الواجب إلا كذلك فإن الشارع لما أطلق له العتق بمرة ومرة كان لازمه أنه إذا حصل النقص بسببه مطلقا لا يمنع وتمامه فيه.
وأما الثاني فعدم الاجزاء قول الإمام لكونه متجزئا عنه وشرط الاعتاق أن يكون قبل المسيس بالنص وإعتاق النصف حصل بعده، وعندهما إعتاق النصف إعتاق للكل فحصل الكل قبل المسيس، وأورد عليه أن هذا يقتضي أن لا يجوز إعتاق رقبة كاملة بعد المسيس مع أنه جائز.
وأجيب بأنه قبل المسيس الثاني وبطل إعتاق ذلك النصف عنها كما في النهاية.
قوله: (فإن لم يجد ما يعتق صام شهرين متتابعين ليس فيهما رمضان وأيام منهية) أي إن لم يملك رقبة ولا ثمنها فاضلا عن قدر كفايته لأن قدرها مستحق الصرف فصار كالعدم، فمن له خادم يحتاج إلى خدمته لا يجزئه الصوم بخلاف من له مسكن لأنه كلباسه ولباس أهله، صرح به في الخزانة. وفي الجوهرة: لو كان له عبد للخدمة لا يجوز له الصوم إلا أن يكون زمنا فيجوز ا ه‍. والضمير في يكون يعود ظاهرا إلى المولى. وفي التتارخانية: ومن ملك رقبة لزمه العتق وإن كان محتاجا إليها ا ه‍. وظاهره أنه يعتقها ولو كان السيد زمنا فحينئذ يرجع الضمير في كلام الجوهرة للعبد، والمعنى إلا أن يكون العبد بحال لا يجزئ عنها، ومن الكفاية قدر كفايته للقوت، فإن كان محترفا فقوت يومه والذي لا يعمل قوت شهر. وفي المحيط: معسر له دين على الناس أو عبد غائب يجزئه الصوم يريد بالغائب أنه لم يكن مملوكا له، فأما إذا كان في ملكه لا يجزه الصوم لأنه قادر على إعتاقه، فأما الدين إذا لم يقدر على أخذه من مديونه فقد عجز عن التكفير بالمال فيجزئه الصوم، أما إذا قدر على أخذه منه لم يجزه الصوم. وكذلك امرأة تزوجت على عبد وزوجها قادر على أدائه إذا طالبته بذلك ووجب عليها كفارة لم يجزها الصوم، وإن كان له مال ووجب عليه دين مثله يجزئه الصوم بعدما قضى دينه لأنه غير واجد للمال، فأما قبل قضاء الدين فقيل يجزئه لأن محمدا علل وقال بأنه تحل له الصدقة وهذا إشارة إلى أن ماله ملحق بالعدم حكما لكونه مستحق الصرف إلى الدين كالماء المستحق للعطش. وقيل: لا يجزئه لأن محمدا ذكر ما يدل عليه لأنه خص الصوم بما بعد قضاء الدين وذلك لأن ملك المديون في ماله كامل بدليل إنه يملك جميع التصرف فيه ا ه‍. وفي البدائع: لو كان في ملكه رقبة صالحة للتكفير يجب عليه تحريرها، سواء كان عليه دين أو لم يكن، لأنه واجد حقيقة ا ه‍. وحاصله أن الدين لا يمنع تحرير الرقبة الموجودة ويمنع وجوب شرائها بمال على أحد القولين. فإن قلت: إذا كان عليه كفارتا
(١٧٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 171 172 173 174 175 176 177 178 179 180 181 ... » »»
الفهرست