البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٤ - الصفحة ١٨٢
لو أعطى ستين مسكينا كل مسكين مدا من الحنطة لم يجز وعليه أن يعيد مدا آخر على كل مسكين، فإن لم يجد الأولين فأعطى ستين آخرين كل مسكين مدا لم يجز ا ه‍. وفي المحيط:
لو أعطى عشرة مساكين كل مسكين مدا مدا ثم استغنى المساكين ثم افتقروا فأعاد عليهم مدا مدا لا يجوز، وكذا لو أدى إلى المكاتبين مدا مدا ثم ردوا إلى الرق ومواليهم أغنياء ثم كوتبوا ثانيا ثم أعاد عليهم لم يجز لأنهم صاروا بحال لا يجوز الأداء إليهم فصاروا كجنس آخر ا ه‍.
قوله: (فلو أمر غيره أن يطعم عنه عن ظهاره ففعل أجزأه) لأنه طلب منه التمليك معنى والفقير قابض له أولا ثم لنفسه فيتحقق تملكه ثم تمليكه كهبة الدين من غير من عليه الدين إذا سلطه على القبض، ولما كان طلب التمليك متنوعا إلى هبة وقرض والأصل البراءة لا رجوع على الآمر في ظاهر الرواية. وفي التتارخانية: إن قال الآمر على أن لا رجوع للمأمور فلا رجوع، وإن قال على أن ترجع علي رجع عليه، وإن سكت الآمر ففي الدين يرجع اتفاقا، وفي الكفارة والزكاة لا يرجع عند أبي حنيفة، وعند أبي يوسف يرجع ا ه‍. والحاصل أنهم فرقوا بين الامر بقضاء الدين وبين الامر بأداء الزكاة والتكفير مع أن الكل واجب على الآمر، وقد رأيت الفرق في السراج الوهاج من كتاب الوكالة معزيا إلى الإمام الكرخي بأنه لو رجع بلا شرط رجع بأكثر مما أسقط عن ذمة الآمر، ألا ترى أن الوجوب كان من أحكام الآخرة دون الدنيا، ولو ثبت الرجوع بمطلق الامر لرجع بحق مضمون في الدنيا والآخرة ولا يجوز أن يرجع بأكثر مما أسقط عن ذمته ا ه‍. وفي البزازية من كتاب الوكالة ذكر ضابطا حسنا لما يرجع بلا شرط وما يرجع بشرط الرجوع فانظره ثمة. قيد بالاطعام لأنه لو أمر أجنبيا أن يعتق عنه فأعتق لا يجزئه عندهما خلافا لأبي يوسف. والفرق على قولهما أن التمليك بغير بدل هبة ولا جواز لها بدون القبض ولم يوجد القبض في الاعتاق ووجد في الاطعام والكسوة في كفارة اليمين كالاطعام، كذا في البدائع. وإن كان بجعل سماه أجزأه اتفاقا، وإن أعتق عنه بغير أمره لم يجز اتفاقا لوقوعه عن المعتق، كذا في الولوالجية. وخرج الصوم أيضا فلو أمره أن يصوم عنه فصام لا يجزئه، كذا في غاية البيان. وقيد الاطعام بالامر لأنه لو
(١٨٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 177 178 179 180 181 182 183 184 185 186 187 ... » »»
الفهرست