البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٣ - الصفحة ٨٨
قوله: (ومن دخل مكة بلا إحرام ثم حج عما عليه في عامة ذلك صح عن دخول مكة بلا إحرام وإن تحولت السنة لا) لأنه تلافي المتروك في وقته لأن الواجب عليه تعظيم هذه البقعة بالاحرام كما إذا أتاها بحجة الاسلام في الابتداء بخلاف ما إذا تحولت السنة لأنه صار دينا في ذمته فلا يتأدى إلا بإحرام مقصود كما في الاعتكاف المنذور فإنه يتأدى بصوم رمضان من هذه السنة دون العام الثاني. فإن قلت: سلمنا أن الحجة بتحول السنة تصير دينا ولكن لا نسلم أن العمرة تصير دينا لأنها غير مؤقتة قلت: لا شك أن العمرة يكره تركها إلى آخر أيام النحر والتشريق فإذا أخرها إلى وقت يكره صار كالمفوت لها فصارت دينا. كذا في غاية البيان. وفي فتح القدير: ولقائل أن يقول لافرق بين سنة المجاوزة وسنة أخرى فإن مقتضى الدليل إذا دخلها بلا إحرام ليس إلا وجوب الاحرام بأحد النسكين فقط ففي أي وقت فعل ذلك يقع أداء إذ الدليل لم يوجب ذلك في سنة معينة ليصير بفواتها دينا يقضى، فهما أحرم من الميقات بنسك عليه تأدى هذا الواجب في ضمنه، وعلى هذا إذا تكرر الدخول بلا إحرام منه ينبغي أن لا يحتاج إلى التعيين وإن كانت أسبابا متعددة الاشخاص دون النوع كما قلنا فيمن عليه يومان من رمضان ينوي مجرد قضاء ما عليه ولم يعين الأول ولا غيره جاز، وكذا لو كانا من رمضانين على الأصح، وكذا نقول إذا رجع مرارا فأحرم كل مرة بنسك حتى أتى على عدد دخلاته خرج عن عهدة ما عليه اه‍. يشير إلى رد ما ذكره الأسبيجابي من أنه لو جاوز الميقات قاصدا مكة بلا إحرام مرارا فإنه يجب عليه لكل مرة إما حجة أو عمرة، ولو خرج من عامة ذلك لي الميقات فأحرم بحجة الاسلام أو غيرها فإنه يسقط عنه ما وجب عنه لأجل المجاوزة الأخيرة ولا يسقط عنه ما وجب لأجل مجاوزته قبلها لأن الواجب قبل الأخيرة صار دينا فلا يسقط إلا بتعيين النية اه‍. وأطلق المصنف الحج فشمل حجة الاسلام والحجة المنذورة ويلحق به العمرة المنذورة، فلو قال ثم أحرم عما عليه في عامة ذلك لكان أولى ليشمل كل إحرام واجب حجا أو عمرة، أداء أو قضاء أو في المحيط: وإذا جاوز العبد
(٨٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 83 84 85 86 87 88 89 90 91 92 93 ... » »»
الفهرست