الحج أدى عمرته لأنها لا تفوت ثم أتى بعمرة أخرى لفوات الحج ثم يحلق ولا دم عليه لأنه للجمع بين النسكين ولم يوجد، فلو انقلب إحرامه عمرة لصار جامعا بين إحرام عمرتين وأدائهما في وقت واحد وهو لا يجوز، ويشهد لهما أنه لو مكث حراما حتى دخل أشهر الحج من قابل فتحلل بعمل العمرة ثم حج من عامة ذلك لم يكن متمتعا، فلو انقلب إحرامه عمرة كان متمتعا كمن أحرم للعمرة في رمضان فطاف لها في شوال. كذا في المبسوط.
ويشهد لأبي يوسف أن فائت الحج لو أقام حراما حتى يحج مع الناس من قابل بذلك الاحرام لا يجزئه من حجته، فلو بقي أصل إحرامه لأجزأه. وأجاب عنه في المبسوط بأنه وإن بقي الأصل لكن تعين عليه الخروج بأعمال العمرة فلا يبطل هذا التعيين بتحول السنة مع أن إحرامه انعقد لآداء الحج في السنة الأولى، فلو صح آداء الحج به في السنة الثانية تغير موجب ذلك العقد بفعله وليس إليه تغيير موجب عقد الاحرام. وذكر في المحيط أن فائدة الخلاف تظهر فيما إذا فاته الحج فأهل بحجة أخرى غير الأولى صحت وبرفض الأخرى عند أبي حنيفة وعند محمد لا تصح، وعند أبي يوسف يمضي في الأخرى لأن عنده إحرام الأولى انقلب للعمرة وهذا محرم بالعمرة وقد أضاف إليها حجة، وعنده لما بقي إحرامه فإذا أحرم بحجة أخرى يرفضها لئلا يكون جامعا بين إحرامي حج وعليه دم وعمرة وحجتان من قابل.
فإن كان نوى بالثانية قضاء الفائتة فهي هي وعليه القضاء لأنه باق في إحرام الحج، فإذا نوى به القضاء يصير ناويا للاحرام القائم فلا تصح نيته ولا يصير محرما بإحرام آخر. وأطلق في فوت الحج فشمل الحج الفاسد والصحيح، فلو أهل بحج ثم أفسده بالجماع قبل الوقوف ثم فاته الحج فعليه دم للجماع ويحل بالعمرة لأن الفاسد معتبر بالصحيح، وكذا لو انعقد فاسدا كما إذا أحرم مجامعا فإنه ملحق بالصحيح. وقول صاحب الهداية لأن الاحرام بعد ما انعقد صحيحا لا يخرج عنه إلا بأداء أحد النسكين، محمول على اللازم للاحتراز عن غير اللازم ليخرج به العبد والزوجة إذا أحرما بغير إذن لا ما قابل الصحيح وهو الفاسد وليخرج به ما إذا أدخل حجة على عمرة أو على عمرة فإنه ليس بلازم، ولذا وجب الرفض ولا يرد عليه المحصر فإن إحرامه لازم مع أنه يخرج عنه بغير الافعال لأنه عارض لا بطريق الوضع قوله:
(ولا فوت لعمرة) لعدم توقيتها بالاجماع قوله: (وهي طواف وسعي) أي أفعال العمرة طواف بالبيت سبعة أشواط وسعي بين الصفا والمروة. وليس مراده بيان ماهيتها لأن ركنها الطواف