البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٣ - الصفحة ٨٠
الاحرام أن من جمع بين حجتين وجنى جناية قبل الشروع في الأعمال فإنه يلزمه دمان عند أبي حنيفة لأنه محرم بإحرامين كالقارن. وأطلق في لزوم الدمين فشمل ما إذا كان قبل الوقوف بعرفة أو بعده، ولا خلاف فيما قبله، وأما فيما بعده فقد قدمنا اختلاف المشايخ في أن إحرام العمرة في حق القارن ينتهي بالوقوف أولا، فمن قال بانتهائه لا يقول بالتعدد، ومن قال ببقائه قال به. وذكر شيخ الاسلام أن وجوب الدمين على القارن إذا كانت الجناية قبل الوقوف في الجماع وغيره، أما بعد الوقوف ففي الجماع يجب دمان، وفي سائر المحظورات دم واحد ا ه‍. وقد قدمنا أن المذهب بقاء إحرام عمرة القارن بعد الطواف إلى الحلق فيلزمه بالجناية بعد الوقوف دمان، سواء كان جماعا أو قتل صيد أو غيرهما، وقدمنا أن الصواب أنه ينتهي بالحلق حتى في حق النساء حتى لو جامع القارن بعد الحلق لا يلزمه لأجل العمرة شئ، فما في الأجناس كما نقله في غاية البيان من أن القارن إذا قتل صيدا بعد الوقوف يلزمه دم واحد ففرع على قول من قال بانتهاء إحرام العمرة بالوقوف وقد علمت ضعفه قوله: (إلا أن يجاوز الميقات غير محرم) استثناء منقطع لأنه ليس داخلا فيما قبله لأن صدر الكلام إنما هو فيما لزم المفرد بسبب الجناية على إحرامه والمجاوز بغير إحرام لم يكن محرما ليخرج لأنه يلزمه دم، سواء أحرم بعد ذلك بحج أو عمرة أو بهما أو لم يحرم أصلا فلا حاجة إلى استثنائه في كلامهم لكن على تقدير أن يحرم بعد المجاوزة فقد أدخل نقصا في إحرامه وهو ترك جزء منه بين الميقات والموضع الذي أحرم فيه، فتوهم زفر أنه إذا أحرم قارنا أنه أدخل هذا النقص على الاحرامين فأوجب دمين. وقلنا: إن الواجب عليه عند دخول الميقات أحد النسكين فإذا جاوزه بغير إحرام ثم أحرم بهما فقد أدخل النقص على ما لزمه وهو أحدهما فلزمه جزاء واحد. وأورد في غاية البيان على اقتصارهم في الاستثناء على هذه المسألة مسائل منها: أن القارن إذا أفاض قبل الإمام يجب عليه دم واحد كالمفرد. ومنها إذا طاف طواف الزيارة جنبا أو محدثا وقد رجع إلى أهله يجب عليه دم واحد. ومنها أن القارن إذا وقف بعرفة ثم قتل صيدا فعليه قيمة واحدة كما في الأجناس. ومنها إذا حلق قبل أن يذبح فإنه يلزمه دم واحد.
ومنها أن القارن إذا قطع شجر الحرم فإنه يلزمه قيمة واحدة كالمفرد ا ه‍. فالحاصل أن
(٨٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 75 76 77 78 79 80 81 82 83 84 85 ... » »»
الفهرست