البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٣ - الصفحة ٨٣
والاخذ. وإنما كان البيع باطلا ولم يكن فاسدا لأن الصيد في حق المحرم محرم العين بقوله تعالى * (وحرم عليكم صيد البر ما دمتم حرما) * (المائدة: 96) أضاف التحريم إلى العين فأفاد سقوط التقوم في حقه كالخمر في حق المسلم. وحاصله إخراج العين عن المحلية لسائر التصرفات فيكون التصرف فيها عبثا فيكون قبيحا لعينه فيبطل، سواء كانا محرمين أو أحدهما، ولهذا أطلقه المصنف فإنه أفاد أن بيع المحرم باطل ولو كان المشتري حلالا، وأن شراء باطل وإن كان البائع حلالا. وأما الجزاء فإنما يكون على المحرم حتى لو كان البائع حلالا والمشتري محرم لزم المشتري فقط، وعلى هذا كل تصرف فإن وهب صيدا فإن كانا محرمين لزم كل واحد جزاء، وإن كان أحدهما محرما لزمه فقط ولو تبايعا صيدا في الحل ثم أحرما أو أحدهما ثم وجد المشتري به عيبا رجع بالنقصان وليس له الرد. وعلى هذا لو غصب حلال صيد حلال ثم أحرم الغاصب والصيد في يده لزمه إرساله وضمان قيمته للمغصوب منه، فلو لم يفعل ودفعه إلى المغصوب منه حتى برئ من الضمان له كان عليه الجزاء وقد أساء وهذا لغز، يقال غاصب يجب عليه عدم الرد بل إذا فعل يجب به الضمان. فلو أحرم المغصوب منه ثم دفعه إليه فعلى كل واحد منهما الجزاء.
قوله: (ومن أخرج ظبية الحرم فولدت فاتا ضمنهما فإن أدى جزاءها فولدت لا يضمن الولد) لأن الصيد بعد الاخراج من الحرم بقي مستحق إلا من شرعا ولهذا وجب رده إلى مأمنه، وهذه صفة شرعية فتسري إلى الولد، فإن أدى جزاءها ثم ولدت ليس عليه جزاء الولد لأن بعد أداء الجزاء لم تبق آمنة لأن وصول الخلف كوصول الأصل، ولهذا يملكها الذي أخرجها بعد أداء الجزاء، ولهذا لو ذبحها لم تكن ميتة لكنه مكروه - كذا قالوا - وقد بحث فيه المحقق في فتح القدير فقال: والذي يقتضيه النظر أن أداء الجزاء إن كان حال القدرة على إعادة مأمنها بالرد إلى المأمن لا يقع كفارة ولا يحل بعده التعرض له بل حرمة التعرض إليها قائمة، وإن كان حال العجز عنه بأن هربت في الحل بعد ما أخرجها إليه خرج به عن عهدتها فلا يضمن ما يحدث بعد التكفير من أولادها وله أن يصطادها، وهذا لأن
(٨٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 78 79 80 81 82 83 84 85 86 87 88 ... » »»
الفهرست