المستثنى عدة مسائل لا مسألة واحدة، والتحقيق أنه لا استثناء أصلا. أما مسألة الكتاب فقد قدمنا أنه استثناء منقطع، وأما مسألة الإفاضة فإنما وجب دم بسبب ترك واجب من واجبات الحج وليس هو جناية على الاحرام كما قدمناه، ولا خصوصية لهذا الواجب بل كل واجب من واجبات الخ فإنه لا تعلق للعمرة به. وأما مسألة الطواف جنبا فإنما وجب دم واحد لترك واجب من واجبات الطواف لا للجناية على الاحرام، ولهذا لو طاف جنبا وهو غير محرم فإنه يلزمه دم وإن كان الدم متنوعا إلى بدنة وشاة نظرا إلى كمال الجناية وخفتها. وأما مسألة قتل الصيد بعد الوقوف فالمذهب لزوم دمين، وما في الأجناس ضعيف كما قدمناه. وأما مسألة الحلق قبل الذبح فإنه لا يلزم المفرد به شئ لأن الذبح ليس بواجب عليه، وهم إنما أوجبوا التعدد على القارن فيما يلزم المفرد به كفارة وليس على المفرد به شئ فلا يتعدد الدم على القارن. وأما مسألة قطع شجر الحرم فهو من باب الغرامات لا تعلق للاحرام به بخلاف صيد الحرم إذا قتله القارن فإنه يلزمه قيمتان كما صرح به الأسبيجابي وغيره لأنها جناية على الاحرام وهو متعدد كما قدمنا أن أقوى الحرمتين تستتبع أدناهما والاحرام أقوى فكان وجوب القيمة بسبب الاحرام فقط لا بسبب الحرم، وإنما ينظر إلى الحرم إذا كان القاتل حلالا والله سبحانه الموفق. وذكر في النهاية صورة يجب فيها القارن دمان لأجل المجاوزة وهي ما إذا جاوز فأحرم بحج ثم دخل مكة فأحرم بعمرة ولم يعد إلى الحل محرما وهي غير واردة عليهم لأن أحد الدمين للمجاوزة وهو الأول والثاني لتركه ميقات العمرة لأنه لما دخل مكة التحق بأهلها وميقاتهم في العمرة الحل.
قوله: (ولو قتل المحرمان صيدا تعدد الجزاء ولو حلالان لا) أي لا يتعدد الجزاء بقتل صيد الحرم لما قدمنا أن الضمان في حق المحرم جزاء الفعل وهو متعدد وفي صيد الحرم جزاء المحل وهو ليس بمتعدد كرجلين قتلا رجلا خطأ يجب عليهما دية واحدة لأنها بدل المحل، وعلى كل واحد منهما كفارة لأنها جزاء الفعل. أشار المصنف إلى أنه لو اشترك محرم وحلال في قتل صيد الحرم فعلى المحرم جميع القيمة وعلى الحلال نصفها لما أن الضمان يتبعض في حق الحلال، وإلى أنه لو كانوا أكثر من اثنين في صيد الحرم قسم الضمان على عددهم، وإني أنه لو اشترك مع الحلال من لا يجب عليه الجزاء من كافر أو صبي وجب على الحلال بقدر ما يخصه من القيمة إذا قسمت على العدد. وفي الجامع الكبير: لو أخذ حلال صيد الحرم فقتله نصراني أو صبي أو بهيمة في يده فعلى الحلال قيمته ولا شئ على النصراني والصبي، ويرجع الحلال بما ضمن عليهما لأنه لولا قتلهما لتمكن الحلال من إرساله. وذكر الأسبيجابي أنه لو