وفي التوكيل بالبيع لا يصح إلا إذا كان يعقل البيع والشراء كما قيده به في الخانية وكأنه بمعنى المعتوه. ومن فرعي التفويض والتوكيل بالبيع ظهر أنه تسومح في الابتداء ما لم يتسامح في البقاء وهو خلاف القاعدة الفقهية من أنه يتسامح في البقاء ما لا يتسامح في الابتداء. ثم اعلم أن ما نقلناه عن المحيط والخانية إنما هو فيما إذا جعل أمرها بيد صبي أو مجنون لا فيما إذا وكلهما، ولا بد في صحة التوكيل مطلقا من عقل الوكيل كما صرحوا به في كتاب الوكالة. فعلى هذا لا بد من التقييد بالعقل في كلام المصنف، وحينئذ فهذه مما خالف فيها التمليك التوكيل. ولم يذكر المصنف جواب الامر بالتطليق المعلق بالمشيئة. وفي المحيط: لو قال لرجل طلق امرأتي إن شئت فقال شئت لا يقع لأن الزوج أمره بتطليقها إن شاء ولم يوجد التطليق بقوله شئت، فلو قال هي طالق إن شئت فقال شئت وقع لوجود الشرط وهو مشيئته، ولو قال طلقها فقال فعلت وقع لأنه قوله فعلت كناية عن قوله طلقت، ولو قال أنت طالق إن شاء فلان فمات فلان لا يقع لتعذر وجود الشرط اه. وفي الخلاصة: لو جعل أمرها بيد رجلين لا ينفرد أحدهما، ولو قال لهما طلقا امرأتي ثلاثا فطلقها أحدهما واحدة والآخر ثنتين طلقت ثلاثا اه. وأشار المصنف إلى أنه لو أرسل التفويض إليها مع رجل فإنه يجوز بالأولى، وقدمنا قريبا عن الظهيرية الفرق بين قوله قل لها أمرك بيدك حيث لا يكون الامر بيدها إلا إذا قال لها، وقوله قل لها إن أمرك بيدك حيث يكون الامر بيدها من غير قول الرسول. وفي جامع الفصولين: شهدا أن فلانا أمرنا أن نبلغ امرأته أنه فوض إليها فبلغناها وقد طلقت نفسها بعده جازت شهادتهما، ولو شهدا أن فلانا قال لنا فوضا إليها ففعلنا لم يجز نظير المسألة الأولى أنهما لو شهدا أن فلانا أمرنا أن نبلغ فلانا أنه وكله ببيع قنه فأعلمناه ثم باعه جازت شهادتهما اه. ولو قال المؤلف إلا إذا زاد إن شئت أو شاءت لكان أولى لأنه يتقيد بالمجلس إذا وجد أحدهما لما في الخانية: لو قال لغيره أنت وكيلي في طلاق امرأتي إن شاءت أو هويت أو أرادت لم يكن وكيلا حتى تشاء المرأة في مجلسها لأنه علق التوكيل بمشيئتها فيقتصر على مجلس العلم كما لو علق الطلاق بمشيئتها، فإذا شاءت في المجلس يكون وكيلا، فإن قام الوكيل عن المجلس قبل أن يطلق بطلت الوكالة. وقال بعض العلماء: لا تبطل لأن المعلق بالشرط عند وجود الشرط كالمرسل فيصير كأنه قال بعد مشيئتها أنت وكيلي في طلاقها فلا يقتصر على المجلس. قالوا: والصحيح جواب الكتاب لأن ثبوت الوكالة بالطلاق بناء على ما فوض إليها من المسيئة ومشيئتها تقتصر على المجلس فكذلك
(٥٧٥)