الأولى لا بتطليق الأخرى، لأن تطليق الأخرى بعد ذلك نفسها وصاحبتها باطل، ولو بدأت الأولى فطلقت صاحبتها ثلاثا ثم طلقت نفسها طلقت صاحبتها دون نفسها لأنه في حق نفسها مالكة والتمليك يقتصر على المجلس، فإذا بدأت بطلاق صاحبتها خرج الامر من يدها، وبتطليقها نفسها لا يبطل تطليقها الأخرى بعد ذلك لأنها في حق الأخرى وكيلة والوكالة لا تقتصر على المجلس. ولو قال لهما طلقا أنفسكما إن شئتما فطلقت إحداهما نفسها وصاحبتها لا تطلق واحدة منهما حتى تطلق الأخرى نفسها وصاحبتها بخلا ف ما تقدم. والحاصل أن كل واحدة منهما تنفرد بالايقاع على نفسها وعلى ضرتها في المسألة الأولى، وفي المسألة الثانية الاجتماع على الايقاع شرط الوقوع. ولو قال لهما أمركما بأيديكما يريد به الطلاق فالجواب فيه كالجواب فيما إذا قال طلقا أنفسكما إن شئتما في أنه لا تنفرد إحداهما بالطلاق غير أنهما يفترقان في حكم واحد وهو أنهما لو اجتمعا على طلاق واحدة منهما يقع. وفي قوله إن شئتما لا يقع لأنه ثمة علق طلاق كل واحدة منهما بمشيئتهما طلاقهما جميعا، وههنا لم يعلق بل فوض تطليق كل واحدة منها إلى رأيهما، فإذا اجتمعا على طلاق واحدة يقع اه. وفي قوله فإذا بدأت بطلاق صاحبتها خرج الامر من يدها نظر لما قدمناه عن الخلاصة والخانية من أن اشتغالها بطلاق ضرتها لا يخرج الامر من يدها، وجوابه أن ما قدمناه عنهما في الامر باليد وما هنا إنما هو في الامر بالتطليق، والفرق بينهما أنها في الامر باليد مالكة لطلاق ضرتها لا وكيلة، وفي الامر بالتطليق وكيلة فافهم. والامر بالتطليق المعلق بمشيئتها كالأمر باليد في حق هذا الحكم كما في الخانية. وفي المحيط: طلقا أنفسكما ثم قال بعده لا تطلقا أنفسكما، فلكل واحدة منهما أن تطلق نفسها ما دامت في ذلك المجلس، ولم يكن لها أن تطلق صاحبتها بعد النهي لأنه توكيل في حق صاحبتها تمليك في حقها اه. وبما ذكرناه عن الظهيرية علم الفرق بين الامر بالتطليق المطلق والمعلق بمشيئتها في فرع ثان غير ما نقلناه عن ابن الهمام. وفي الخانية: لو قال لها طلقي نفسك ثلاثا إن شئت فقالت أنا طالق لا يقع شئ، ولو قال لها طلقي نفسك إن شئت فقالت قد شئت أن أطلق نفسي كان باطلا، ولو قال لها طلقي نفسك إذا شئت ثم جن جنونا مطبقا ثم طلقت المرأة نفسها قال محمد: كل شئ يملك الزوج أن يرجع عن كلامه يبطل بالجنون، وكل شئ لم يملك الزوج أن يرجع عن كلامه لا يبطل بالجنون اه. وفيها أيضا: لو قال أي نسائي شاءت طلاقها فهي طالق فشاءت طلاق الكل طلقن إلا واحدة، ولو قال أي نسائي شاءت الطلاق فهي طلاق فشئن طلقن اه. والفرق أن أيا في الأول وصفت بصفة خاصة، وفي الثاني بصفة عامة فليتأمل.
(٥٧١)