البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٣ - الصفحة ٥٧٢
وفي تلخيص الجامع للصدر من باب الطلاق في المرض أحد المأمورين ينفرد به وببدل لا وهو يمين منه بيع منها: قال لهما في مرضه وقد دخل بهما طلقا أنفسكما ثلاثا ملكت كل واحدة طلاقها وتوكلت في طلاق الأخرى ولا ينقسم، ومن طلقت بتطليقها لا ترث لرضاها، وكذا بتطليقهما معا لاضافته إليهما كالوكيل بالبيع مع الموكل، وبتطليق الأخرى ترث، وإن طلقت بعدها كالتمكين بعده. ولو قال طلقا أنفسكما ثلاثا إن شئتما يقتصر على المجلس للتمليك، ويشترط اجتماعهما للتعليق، فإن طلقت إحداهما كليهما ثلاثا والأخرى مثلها بانتا وورثت الأولى لعدم رضاها نظيره: طلقت نفسها في مرضه فأجازه بخلاف سؤالها، والثانية لا ترث لرضاها، ولو خرج كلامهما معا ورثتا لعدمه، ولو قال أمركما بيدكما فكما مر غير أن هنا لو اجتمعتا على إحداهما يقع وثمة لا للتعليق نظيره: وكل رجلين ببيع عبدين أو طلاق امرأتين بمال معلوم قال طلقا أنفسكما بألف يتقيد المجلس ويشترط اجتماعهما ولا يرثان بحال، ولو اجتمعا على إحداهما صح بحصته من مهرها اه‍ قوله: (ولو قال لرجل طلق امرأتي لم يتقيد بالمجلس إلا إذا زاد إن شئت) لأنه توكيل وأنه استعانة فلا يقتصر على المجلس.
وأشار إلى أنه له الرجوع عنه بخلاف قوله لامرأته طلقي نفسك لأنها عاملة لنفسها فكان تمليكا لا توكيلا. وإذا زاد إن شئت بأن قال لرجل طلقها إن شئت فإنه يتقيد بالمجلس، ولو صرح بأنه وكيل كما في الخانية من الوكالة. وأشار إلى أنه لا رجوع له. وقال زفر: هذا والأول سواء لأن التصريح بالمشيئة كعدمه لأنه يتصرف عن مشيئته فصار كالوكيل بالبيع إذا قيل له بع إن شئت. ولنا أنه تمليك لأنه علقه بالمشيئة والمالك هو الذي يتصرف عن مشيئته، والطلاق يحتمل التعليق بخلاف البيع فإنه لا يحتمله. كذا في الهداية. وتعقبه بعضهم بأن البيع فيه ليس بمعلق بالمشيئة بل المعلق فيه الوكالة بالبيع وهي تقبل التعليق وكأنه اعتبر التوكيل بالبيع بنفس البيع اه‍. ورده في فتح القدير بأنه غلط يظهر بأدنى تأمل، لأن التوكيل هو قوله بع فكيف يتصور كون نفس قوله معلقا بمشيئة غيره، بل وقد تحقق وفرغ منه قبل مشيئة ذلك الغير ولم يبق لذلك الغير سوى فعل متعلق التوكيل أو عدم القبول والرد اه‍.
وهو سهو يظهر بأدنى تأمل لأنه لم يقل إن التوكيل معلق حتى يرد عليه ما ذكره، وإنما ذكر أن الوكالة معلقة بالمشيئة والوكالة أثر التوكيل فجاز إطلاق التوكيل عليها في قوله وكأنه اعتبر التوكيل أي الوكالة. والحق أن البيع والتوكيل به لم يعلقا بالمشيئة وإنما المعلق الوكالة وتعليقها صحيح فيحتاج إلى الفرق بين قوله طلقها إن شئت وبع إن شئت. ثم اعلم أن قول صاحب
(٥٧٢)
مفاتيح البحث: المرض (3)، البيع (4)، السهو (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 567 568 569 570 571 572 573 574 575 576 577 ... » »»
الفهرست