البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٣ - الصفحة ٥٨٦
أنه لا يقع حتى يوجد المشيئة والاباء إلا أن يعني الوقوع في الحال. وذكر قبله أنها إن شاءت يقع وإن أبت يقع كما لو كرر إن فحاصله أن فيها ثلاثة أقوال والصواب أنه لا يقع حتى يوجد أو يفرق بين إن شئت وإن لم تشائي حيث لا يقع، وبين إن شئت وأبيت حيث يقع إذا وجدا. وأشار بتعليق الطلاق بمشيئتها إلى صحة تعليق عدد الطلاق بمشيئتها أيضا فلذا قال في الذخيرة: لو قال لها أنت طالق ثلاثا إلا أن تشائي واحدة، فإن شاءت واحدة قبل أن تقوم من مجلسها لزمتها واحدة، وكذا لو قال إلا أن يشاء فلان واحدة وإن لمن يكن فلان حاضرا فله ذلك في مجلس علمه، وكذا لو قال أنت طالق ثلاثا إلا أن يرى فلان غير ذلك تقيد بالمجلس، وكذا لو قال إن لم ير فلان غير ذلك، وكذا لو قال إن رأى فلان ذلك فإنه يتقيد بالمجلس ا ه‍. ولم يذكر المصنف كأكثر المؤلفين ما لو علقه بمشيئة نفسه وذكره في الذخيرة فقال: لو قال أنت طالق ثلاثا إلا أن أرى غير ذلك فهذا لا يقتصر على المجلس حتى لو قال بعد ما قام عن المجلس رأيت غير ذلك لا يقع الثلاث، وكذلك لو قال إلا أن أشاء أنا غير ذلك فهذا لا يقتصر على المجلس، ولو قال لامرأته أنت طالق إن شاء فلان أو إن أحب أو إن رضي أو إن هوى أو إن أراد فبلغ فلانا فله مجلس علمه بخلاف ما لو قال إن شئت أنا أو إن أحببت أنا لا يقتصر على المجلس. والفرق أن قضية القياس في الأجنبي أن لا يقتصر على المجلس كسائر الشروط لكن تركنا القياس في الأجنبي لأنه تمليك معنى وجواب التمليك يقتصر على المجلس، وهذا المعنى لا يتأتى في حق الزوج لأن الزوج كان مالكا للطلاق قبل هذا فلا يتأتى منه التمليك فبقي هذا الشرط في حق الزوج ملحقا بسائر الشروط فلم يقتصر على المجلس في حق الزوج. وإذا قال إن شئت أنا فالزوج كيف يقول حتى يقع الطلاق؟ لم يذكر محمد هذه المسألة في شئ من الكتب. وقال مشايخنا: ينبغي أن يقول شئت الذي جعلته إلي ولا يشترط نية الطلاق عند قوله شئت ولا يشترط أن يقول شئت طلاقك لأن الطلاق لا يقع بقوله شئت وإنما يقع بالكلام السابق لأن الطلاق بالكلام السابق معلق بمشيئة اعتبرت شرطا محضا، فعند قوله شئت يقع الطلاق بالكلام السابق.
والحاصل أن تعليق الزوج طلاق المرأة بصفة من صفات قلب نفسه ليس بتفويض وتمليك بوجه من الوجوه، ولو قال لها أنت طالق إن لم يشأ فلان فقال فلان لا أشاء في المجلس طلقت، ولو قال ذلك لنفسه ثم قال لا أشاء لا تطلق. والفرق أن بقول الأجنبي لا أشاء يقع اليأس عن شرط البر وهو مشيئة طلاقها في المجلس، وقد تبدل من حيث الحكم والاعتبار بقوله لا أشاء لاشتغاله بما لا يحتاج إليه في الايقاع فإنه يكفيه في الايقاع السكوت عن المشيئة حتى يقوم عن المجلس أما بقول الزوج لا أشاء لا يقع اليأس عما هو شرط البر لأن المجلس وإن تبدل من حيث الحكم إلا أن شرط البر في حق الزوج عدم المشيئة في العمر والعمر باق فلهذا لا يقع الطلاق ا ه‍. وفي الجامع للصدر الشهيد: قال
(٥٨٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 581 582 583 584 585 586 587 588 589 590 591 ... » »»
الفهرست