البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٣ - الصفحة ٥٧٨
في العدة، فإن كان بعد ما تزوجها الموكل طلقت بالألف وإلا طلقت بغير شئ بخلاف ما لو وكله في طلاقها بالألف ثم طلقها الزوج بألف ثم طلقها الوكيل بألف فإنه لا يقع شئ.
ومنها الوكيل بالاعتاق إذا أقر أنه أعتقه أمس وكذبه الموكل لا يقبل قول الوكيل لأنه أقر بالاعتاق بعد خروجه عن الوكالة، وكذا الوكيل بالطلاق. ومنها لو وكل الوكيل بالطلاق أو العتاق غيره فطلق الثاني بحضرة الأول أو غيبته لا يجوز، وكذا لو طلقها أجنبي فأجاز الوكيل، ففي الخلع والنكاح إذا فعل الثاني بحضرة الأول أو أجاز الوكيل فعل الأجنبي جاز اه‍. وقد ظهر من كلامهم أن التوكيل بالطلاق فيه معنى التعليق من وجه حتى اعتبروا فيه الموافقة من حيث اللفظ وإن لم يوافق من حيث المعنى كما نقلناه آنفا، ولم يجوزوا إجازة الوكيل ولا فعل وكيله بحضرته نظرا إلى أن الطلاق معلق بقوله فلا يقع بقول غيره، ولم يعتبروا معنى التعليق فيه من جهة أنهم جوز والرجوع عنه ولذا قال في عمدة الفتاوى: لو قال الموكل كلما أخرجتك عن الوكالة فأنت وكيلي فله أن يخرجه من الوكالة بمحضر منه ما خلا الطلاق والعتاق لأنهما مما يتعلقان بالشرط، والاخطار بمنزلة اليمين ولا رجوع عن اليمين اه‍. وفي الخلاصة: المختار أنه يملك عزله بحضرته إلا في الطلاق والعتاق والتوكيل بسؤال الخصم اه‍. فقد علمت أنهم اعتبروا فيه معنى التعليق من هذا الوجه أيضا. وحاصل القول المختار أن للموكل أن يعزل وكيل الطلاق والعتاق إلا أن يقول كلما أخرجتك عن الوكالة فأنت وكيلي فإنه يصير لازما لا يقبل الرجوع. وفي البزازية من كتاب الوكالة:
التوكيل بالطلاق تعليق الطلاق بلفظ الوكيل ولذا يقع منه حال سكره. ومنها التوكيل باليمين بالطلاق جائز بدليل أن من قال لامرأة الغير إن دخلت الدار فأنت طالق فأجاز الزوج جاز الوكيل بالطلاق إذا خالع على مال إن كانت مدخولة فخلاف إلى شر، وإن غير مدخولة فإلى خير وعليه أكثر المشايخ، واختاره الصفار. وقال ظهير الدين: لا يصح في غير المدخولة أيضا لأنه خلاف فيهما إلى شر اه‍. ولعل الشرفي غير المدخولة ارتكاب الحرمة بأخذ المال إن كان النشوز منه وإلا فالطلاق قبل الدخول بائن ولو بلا عوض، فأخذ المال خير للموكل كما لا يخفى إلا أن يقال الشر فيه أنه وكله بالتنجيز وقد أتى بالتعليق لأنه معلق بقبولها. وفي الخانية من الوكالة: وكله أن يخلع امرأته فخلعها على درهم جاز في قوله أبي حنيفة: ولا يجوز في قولهما إلا فيما يتغابن الناس فيه، ولو وكل الرجل امرأته أن تخلع نفسها منه بمال أو عوض لا يجوز إلا أن يرضى الزوج به اه‍.
قوله: (ولو قال لها طلقي نفسك ثلاثا فطلقت واحدة وقعت واحدة) لأنها لما ملكت إيقاع الثلاث كان لها أن توقع منها ما شاءت كالزوج نفسه، ولا فرق بين الواحدة والثنتين.
(٥٧٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 573 574 575 576 577 578 579 580 581 582 583 ... » »»
الفهرست