البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٣ - الصفحة ٥٨٠
والعناية. فإذا قال أمرك بيدك ولم ينو شيئا من العدد فطلقت ثلاثا كيف لا تقع الواحدة عنده بل الوقوع بالأولى فما في الخانية مشكل والله سبحانه أعلم. وقيدنا بكونه بكلمة واحدة لأنها لو قالت واحدة وواحدة وواحدة وقعت واحدة اتفاقا لامتثالها بالأول ويلغو ما بعده، وأورد على مسألة الكتاب أن الرجل إذا كانت له أربع نسوة فقال لواحدة منهن طلقي واحدة من نسائي فطلقتهن جميعا يقع الطلاق على واحدة منهن، وكان ينبغي أن لا يقع على قول الإمام اعتبارا بمسألة الكتاب. وأجاب عنه في الظهيرية أيضا بالفرق بينهما وهو أن الثلاث اسم لعدد خاص لا يقع على ما دونه ولا على ما عداه وليس فيه معنى العموم والواحد خاص.
وإرادة الخصوص من الخصوص ممتنعة، واسم النساء عام لأنه لا يقع على مقدار بعينه والعام ما ينتظم جميعا من المسميات من غير تقدير ولا تحديد، وإرادة الخصوص من العموم سائغة ألا ترى أنه لو حلف أن لا يتزوج النساء فتزوج امرأة واحدة يحنث، والمسألة في وكالة المبسوط ا ه‍. وفي المحيط: لو وكل أجنبيا أن يطلق زوجته واحدة فطلقها ثلاثا إن نوى الزوج وقع، وإن لم ينو لا يقع عنده خلافا لهما ا ه‍. ولعله إن أجاز الزوج وقع وإلا فلا، لأنه فضولي بتطليق الثلاث فتوقف على الإجازة. وقياسه أن يتوقف في المرأة أيضا وقد صرح به في فتح القدير. وأما النية فلا محل لها لأن نية الثلاث بلفظ الواحدة غير صحيحة لأنها لا تحتمله. وفي الخانية: وقال طلقها ثلاثا للسنة فقال الوكيل في طهر لم يجامعها فيه أنت طالق ثلاثا للسنة يقع واحدة للحال ويبطل الباقي بلا خلاف على الصحيح لوجود الموافقة في اللفظ، وقدمناه في أمر الأجنبي بطلاقها قريبا فارجع إليه. وقياسه في أمر المرأة أن يكون كذلك وقد صرح به في تلخيص الجامع للصدر فقال أنت طالق ثلاثا للسنة بألف وهي محل يقع واحدة بثلثها، وكذا في الطهر الثاني إن تزوجها قبله وإن تجدد ملكه لرضاه وإلا وقعت بغير شئ بشرط العدة، وكذا الثالث قال طلقي نفسك ثلاثا للسنة بألف فطلقت ثلاثا للسنة بها فعلى ما مر لا يقع في الباقي إلا بإيقاع جديد لأنها لا تملك إضافته بخلاف جانبه، وقيل عنده لا يقع أصله طلقي واحد فطلقت ثلاثا والفرق واضح ا ه‍ قوله: (وطلقي نفسك ثلاثا إن شئت فطلقت واحدة وعكسه لا) أي لا يقع فيهما. والمراد بالعكس أن يقول لها طلقي نفسك واحدة إن شئت فطلقت ثلاثا. ولا خلاف في الأولى أنه لا يقع لأن تفويض الثلاث معلق بشرط هو مشيئتها إياها لأن معناه إن شئت الثلاث فلم يوجد الشرط لأنها لم تشأ إلا واحدة بخلاف ما إذا لم يقيد بالمشيئة كما قدمناه. ودخل في كلامه ما لو قالت شئت واحدة وواحدة وواحدة منفصلا بعضها عن بعض بالسكوت لأن السكوت فاصل فلم يوجد مشيئة
(٥٨٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 575 576 577 578 579 580 581 582 583 584 585 ... » »»
الفهرست