مواهب الجليل - الحطاب الرعيني - ج ٦ - الصفحة ٢٠٨
متفاضلا، ويجوز التفاضل في زيت زريعة الكتان لأنه لا يراد للاكل، ويجوز بيعه بزيت الزيتون نقدا وإلى أجل، ويجوز التفاضل في زيت اللوز لأنه لا يراد للاكل غالبا وإنما يراد للعلاج ويدخل في الأدوية وكذلك زيت اللوز عندنا اه‍. ونقله في التوضيح وقبله. فعلم من هذا أن الراجح في بزر الكتان وزيته أنهما غير ربويين، وكان المصنف ترجح عنده أنهما ربويان بحسب بلده فإن كثيرا من الناس بمصر يستعملون زيت الكتان لقلي السمك ونحوه. وقد قال ابن رشد في آخر سماع أبي زيد من كتاب السلم والآجال: إن زريعة الفجل وزريعة الكتان من الطعام لا تباع حتى تستوفى ولا يباع منها اثنان بواحد. وقاله في المدونة. ومعنى ذلك في البلد الذي يتخذ فيه ذلك اه‍. وقال في الطراز: لما تكلم على الزيوت فما كان منها يؤكل في العادة فهو على حكم الطعام وإن دخل في غير منفعة الاكل، فزيت الزيتون جنس على اختلاف صفاته فيباع بعضه ببعض كيلا إلا أن يجمد منه شئ فتنضم أجزاؤه وينتقص فإنه يمنع بيعه بالجاري غير الجامد، لأن الجاري إذا جمد انتقص فيكون من بيع الرطب باليابس من جنس واحد، وهذا إذا تحقق نقص الجامد عن المائع، وزيت الجلجلان جنس يجوز بيعه بزيت الزيتون متماثلا ومتفاضلا مع اشتراكهما في الزيتية. قال: وكذلك زيت الفجل له حكم الطعام وهو بأرض يؤكل بالطبخ والقلي وهو بأرض الصعيد صبغ للآكلين. ومنع مالك في الواضحة بيعه قبل قبضه وأوجب فيه الزكاة وهو عند مالك جنس واحد ثم قال: ومن الزيتون زيت البزر وهو زريعة الكتان ويختلف فيه، وظاهر المذهب أنه ليس على حكم الطعام. ولما منع ابن القاسم الزكاة فيه في العتبية قال: إذ ليس بعيش. وقال أشهب في الموازية: فيه الزكاة. ورواه ابن وهب عن مالك وزكاته العشر لا تجب في غير مأكول وإن عمت منفعته. وهذا في القطن والكتان والقصب والشمار بل لا تجب في الحبوب وفي ثمرة النخيل والأعناب حتى ترجع طعاما وتطيب أيضا. فإيجاب الزكاة وأخذها من زيت الكتان يقتضي كونه على حكم الطعام، وبزر الكتان يؤكل بأرضنا عادة ويباع في الأسواق كذلك كما يباع السمسم ويؤكل نيأ ومقلوا. واختلف فيه أصحاب الشافعي فقال بعضهم: يجري فيه الربا، وبعضهم لا ربا فيه وهو الظاهر، لأنه في العادة لا يستطاب ولا يؤكل بل يستخبث ريحه فكيف بأكله بل يعد أكله سفها فهو في نفسه خارج عن نفس المأكول. ولا يلزم من إيجاب الزكاة فيه في قول لأن الزكاة إنما تجب في حبه وحبه مأكول يستلذ ولا يستخبث. ولما وجبت الزكاة في حبه أخذت من زيته على قياس ما له زيت، ولان التفاضل لا يحرم في كل جنس من الطعام وإنما يحرم فيما يقتات ويدخر أو يصلح القوت به، وزيت الكتان خارج عن ذلك فلا يقتات به ولا يصلح به القوت في العادة.
أما زيت السلجم فإنه لا ربا فيه ويخالف زيت الفجل لأن زيت الفجل مأكول، ويخالف زيت الكتان لأن زيت الكتان زيت حب مأكول، والسلجم لا يؤكل حبه ولا زيته. ومن الزيوت زيت
(٢٠٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 203 204 205 206 207 208 209 210 211 212 213 ... » »»
الفهرست