مواهب الجليل - الحطاب الرعيني - ج ٦ - الصفحة ١٩٤
يؤدب بالاخراج حيث لا يمكن أن يرجع إلى السوق ولا يعرف، وأما إذا أمكنه أن يرجع إلى السوق ولا يعرف لاتساع السوق فلا يؤدب إلا بالضرب. انتهى ونقله ابن عرفة.
مسألة: قال البرزلي في مسائل البيوع: سئل ابن رشد عمن اشترى مصحفا فوجده ملحونا كثيرا لخطأ غير صحيح، هل عليه بيان ذلك عند البيع مع أنه إن بين لم يشتره أحد؟
فأجاب: لا يجوز له البيع حتى يبين.
قلت: في جواز البيع نظر لأن كثير الخطأ لا يقدر على ضبط الصفة معه فأشبه بيع القمح إذا وجد كثير الغلث لا يجوز بيعه حتى يغربل، وكذلك هذا حتى يضبط ويصحح إلا أن يقال: إذا رأى اليسير منه أدرك كثرة فساده أو قلته ويضبط ذلك الفساد فيجوز، وفي كون هذا غير عسير نظر. ومثله شراء كتب الفقه واللغة وغيرهما على القول بجواز البيع إذا وجد فيها الفساد والنقص كثيرا أو التكرار في الكلام. فحكمه حكم المصحف، وأما إذا اشترى كتبا من أنواع كثيرة متفرقة الأوراق وخروما متنافرة الأوراق فلا يجوز شراؤها إلا لعارف بالتخمين والحزر، وكذلك بائعها يكون كذلك من باب شراء الجزاف ولا يجوز بيعها من مبتدئ في القراءة ولا من جاهل مطلقا إذ لا يدري ما يأخذ ولا ما يعطي. وقد نزل هذا ووقعت الفتوى بهذا وتقدمت مسألة إذا كتب مصحفا بدواة ماتت فيها فأرة أنه يدفن. انتهى من أحكام ابن خويز. ولا يجوز بيعه على هذا وكأنه عنده مثل الأشياء التي لا يجوز بيعها كالزيت والطعام المائع لا كالثياب المتنجسة ونحوها للقدرة على إزالة النجاسة من هذا دون ما تقدم انتهى.
فرع: قال السخاوي في كتابه الأصل الأصيل في تحريم النقل من التوراة والإنجيل:
قال في العوفية: اختلف في بيعها وشرائها وجعلها من جملة الأموال على قولين، وأما الإجارة لكتابتها فلا تجوز. وروى ابن وهب عن مالك في المجموعة جواز وصية الكافر بها، وبه قال ابن القاسم وأشهب: فإن قلنا بأنها مال وجوزنا بيعها على أحد القولين فالجواز وإلا فلا. وقوله: ولو كثر هذا قول مالك. وقال ابن القاسم: لا يتصدق إلا بما كان يسيرا. قال ابن رشد: وقول ابن القاسم أحسن من قول مالك لأن الصدقة بذلك من العقوبات والعقوبة بالمال أمر كان في أول الاسلام ثم نسخ ذلك وعادت العقوبة في الأبدان، فكان قول ابن القاسم أولى بالصواب استحسانا، والقياس أن لا يتصدق بقليل ولا كثير. وقال القرطبي في حديث التي لعنت الناقة وأتت النبي (ص): يستفاد منه جواز العقوبة بالمال في المال لمن جنى فيه بما يناسب ذلك. وقال في الاكمال: فيه العقاب بالمال
(١٩٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 189 190 191 192 193 194 195 196 197 198 199 ... » »»
الفهرست